للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجاز المرسل المركب ١:

هو ما كانت العلاقة فيه غير المشابهة كما في الجمل الإخبارية المستعملة في الإنشاء لأغراض لم يوضع لها الخبر؛ كإظهار التحسر, أو الضعف، أو السرور، أو الشماتة، أو نحو ذلك.

فمثال الخبر المستعمل في إنشاء التحسر والتحزن قول الشاعر:

ذهب الصبا وتولت الأيام ... فعلى الصبا وعلى الزمان سلام

فهذا الخبر -وإن كان في أصل وضعه للإخبار- مستعمل في إنشاء التحسر على فقدان الشباب، وذهاب أيامه، والعلاقة فيه اللزوم؛ إذ يلزم من الإخبار بذهاب الصبا التحسر والتحزن عليه, والقرينة قوله: "فعلى الصبا وعلى الزمان سلام". ومثال الخبر المستعمل في إظهار الضعف قول الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} فزكريا -عليه السلام- لا يريد بهذا القول أن يخبر الله بحاله؛ إذ يعلم أن الله لا يخفى عليه خافية ولكنه قصد بهذا إظهار الضعف. وإنه بلغ من الوهن غاية لا أمل له بعده في الحياة, والعلاقة اللزوم كالذي قبله, والقرينة مقام الخطاب. ومثال الخبر المستعمل في إظهار السرور قولك لم يعلم بنجاحك


١ إنما أطلق عليه هذا الاسم قياسًا على المجاز المفرد, وإلا فإن العلماء لم يضعوا له اسما, بل إن أكثرهم لم يبحثوه بحثًا تفصيليًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>