للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قرينة الاستعارة التصريحية]

القرينة هي -كما سبق- الأمر الذي يجعله المتكلم دليلًا على أنه أراد باللفظ غير معناه الأصلي, وهي أيضًا لفظية، وغير لفظية.

فاللفظية: لفظ يلائم المشبه يذكر في الكلام؛ ليصرفه عن إرادة معناه الأصلي. مثال ذلك "في الأصلية" قولك: "كلمني بحر" فبحر مستعار للرجل العالم أو الكريم "استعارة أصلية" وقرينتها لفظ "كلمني"؛ لأن البحر الحقيقي لا يتكلم. ومثالها "في التبعية" قولك: "قتل علي خصمه بحادّ لسانه" استعار القتل للإيذاء الشديد بجامع الألم الأليم، ثم اشتق من القتل بمعنى الإيذاء الشديد "قتل" بمعنى آذى إيذاء شديدًا، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية, والقرينة قولك: "بحاد لسانه" إذ ليس اللسان أداة قتل، وكل من القرينتين ملائم للمشبه "كما رأيت".

وغير اللفظية: أمر خارج من اللفظ، يصرف الكلام عن إرادة معناه الحقيقي كدلالة الحال، أو استحالة المعنى.

فمثال ما قرينته حالية: "أرى قمرًا" والسامع يرى فتاة حسناء مقبلة "فالقمر" مستعار للفتاة الجميلة "استعارة أصلية" وقرينتها دلالة الحال.

ومثال ما قرينته الاستحالة قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} شبه كثرة الماء كثرة جاوزت الحد بالطغيان بجامع تجاوز الحد في كلٍّ. ثم استعير الطغيان للكثرة, واشتق منه "طغى" بمعنى كثر حتى جاوز الحد "استعارة تبعية" والقرينة استحالة صدور الطغيان من الماء, إذ هو من شأن الإنسان, وكقول الشاعر:

جمع الحق لنا في إمام ... قتل البخل وأحيا السماحا

استعير القتل للمحو والإزالة، واستعير الإحياء للإكثار. ثم اشتق من القتل "قتل" بمعنى أزال، ومن الإحياء "أحيا" بمعنى أكثر, على سبيل الاستعارة التبعية، والقرينة استحالة وقوع القتل على البخل والإحياء على السماح.

والقرينة إما أمر واحد أو متعدد. فالأول كما في قولنا: "رأيت بين الناس أسدًا" استعير لفظ "أسد" للرجل الجريء، والقرينة أمر واحد هو قولنا:

<<  <  ج: ص:  >  >>