للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تقديم وتأخير المسند إليه]

اعلم أن مرتبة المسند إليه التقديم؛ لأنه المحكوم عليه، فمدلوله يخطئ أولًا بالذهن, ولكن تقديمه مع ذلك ليس واجبًا، بل يجوز تقديمه وتأخيره, وإنما يؤتى به مقدمًا لأسباب شتى، نذكر لك أهمها فيما يلي:

١- كون التقديم هو الأصل فيه، لأنه المحكوم عليه "كما عرفت" غير أن ذلك مشروط بألا توجد نكتة أخرى تقتضي تأخيره في اعتبار المتكلم كقولك: "محمد رسول الله" فقد قدم المسند إليه لأن الأصل فيه أن يقدم إذ هو المحكوم عليه بالرسالة، فينبغي ذكره أولًا, وإنما شرطنا عدم وجود نكتة أخرى تقتضي التأخير؛ لأن الأصالة وحدها نكتة ضعيفة لا تنهض سببًا مرجحًا للتقديم، مع وجود المقتضى للتأخير١ كما في الفعل مثلًا, فإن الأصل فيه التقديم أيضًا؛ لأنه الذات المحكوم عليها, غير أن الأصالة عارضتها نكتة أخرى تقتضي تأخيره، وهي أن الفعل عامل في الفاعل الرفع، ومرتبة العامل التقديم على المعمول، فرجح جانبه عليه.

٢- تعجيل المسرة للتفاؤل، أو المساءة للتطير, مثال الأول قولك: "العفو عنك صدر به الأمر", ومثال الثاني قولك: "القصاص من الجاني حكم به القاضي", قدم المسند إليه في المثالين لقصد المبادرة بإدخال السرور على قلب السامع ليتفاءل بحصول الخير، أو المسارعة بإدخال الغم على قلبه ليتشاءم بحصول الشر.

٣ التعجيل بإظهار تعظيمه أو تحقيره إذا كان اللفظ مشعرًا بما يدل


١ سبق مثل هذا الكلام عند البحث في ذكر المسند إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>