للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقسيم الرابع]

ينقسم التشبيه باعتبار الوجه أيضا إلى قسمين: تمثيل، وغير تمثيل.

فالتمثيل: ما كان وجه الشبه فيه هيئة منتزعة من عدة أمور١، حسيا كان ذلك الوجه، أو غير حسي.

فالحسي كما مر في تشبيه مثار النقع مع الأسياف بليل تتهاوى كواكبه، وتشبيه الثريا بعنقود الملاحية حين نور، وتشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل، وتشبيه البدر في كبد السماء بدرهم ملقى على ديباجة زرقاء، وغير ذلك من كل ما فيه الوجه منتزع من أمور حسية.

وغير الحسي ما مر في تشبيه حال اليهود بحال الحمار, فإن وجه الشبه -كما سبق- منتزع من أمور عقلية هي الحرمان من الانتفاع بأبلغ نافع، مع معاناة المشاق في تحمله. ومثله ما سبق في تشبيه المستجير بعمرو بالمستجير بالنار, فإن وجه الشبه -كما عرفت- هيئة مركبة من أمرين عقليين هما: الالتجاء من الضار إلى ما هو أشد ضررا، والطمع في الاحتماء به.

وغير التمثيل: ما لم يكن وجه الشبه هيئة منتزعة من متعدد، وبأن كان أمرا واحدا، أو متعددا. فالأول "كالنغم الحسن" في تشبيه صوت حسن بتغريد البلابل، وكالمضاء في تشبيه العزيمة بالسيف، وكالإشراق في تشبيه الحجة بالشمس، ونحو ذلك مما يكون وجه الشبه فيه شيئا واحدا لا تركيب فيه ولا تعدد. والثاني كما في تشبيه فاكهة بأخرى في الطعم، والرائحة، واللون, فإن وجه الشبه كل واحد من هذه الثلاثة، لا هيئة مركبة منها.


١ أي: من أمرين أو أكثر, فالمراد بالجمع هنا ما فوق الواحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>