للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقسيم السادس]

ينقسم التشبيه باعتبار الوجه أيضا إلى قسمين -قريب مبتذل، وبعيد غريب- ومعنى "قريب": أنه في متناول العامة وغيرهم، ومعنى "مبتذل". أنه متداول بين الناس، ومن هذا التفسير يعلم معنى البعيد الغريب الآتي.

فالقريب المبتذل: ما ينتقل فيه الدهن من المشبه إلى المشبه به، من غير تأمل ونظر، بسبب وضوح وجه الشبه فيهماكتشبيه حسناء الوجه بالقمر، وكتشبيه حسالصوت بالبلبل، وتشبيه الجرئ بالأسد، والكريم بالغيث -فكل واحد من هذه التشبيهات قريب: في متناول العامة، مبتدل: يكثر تداوله لسهولة انتقال الذهن فيه من المشبه إلى به، بسبب وضوح الوجه بين الطرفين: ذلك: أن المشبه به في كل ما ذكرنا أعرف الأشياء بالمعنى الذي عقد له التشبيه.

أسباب وضوح وجه الشبه ثلاثة:

أ- أن يكون الوجه شيئا واحدا، لا تعدد فيه، ولا تفصيل كالأمثلة السابقة، فإن وجه الشبه في كل منها واحد، وإدراك الشيء الواحد لا يحتاج لغير ملاحظة واحدة، لهذا كان التشبيه قريبا مبتذلا لانتقال الذهن فيه إلى المشبه به، دون تأمل.

ب- أن يكون في وجه الشبه شيء من التفصيلن يحتاج إلى تعدد الملاحظة -غير أنه يكثر حضور صورة المشبه به في الذهن عند استحضار صورة المشبه لما بين الصورتين من شدة التناسب- كأن تشبه العنب بالبرقوق في حجمه، وشكله، ولونه ففي الوجه تفصيل ما، إذ لوحظ فيه هذه الأمور الثلاثة: الحجم. والشكل. واللون. وهذا يقتضي شيئا من غرابة

<<  <  ج: ص:  >  >>