للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: في تعريف علم البيان]

معناه في اللغة: الكشف والإيضاح, يقال: فلان أبين من فلان أي: أفصح وأوضح كلاما, وهو أيضًا: المنطق الفصيح، المعرب عما في الضمير.

ومعناه "في الاصطلاح": علم يعرف به إيراد المعنى الواحد في طرق وتراكيب مختلفة، في وضوح الدلالة عليه.

قيل: إن لفظ "علم" في التعريف مشترك بين معنيين: أحدهما الملكة, وهي صفة قائمة بالنفس حاصلة من ممارسة قواعد الفن وأصوله، وثانيهما قواعد هذا الفن وأصوله١. واستعمال اللفظ المشترك في التعريف، دون قرينة معينة لأحدهما يوقع في حيرة من حيث إنه لا يدرى المعنى المراد, وهذا ينافي الغرض من التعريف، وما يقتضيه من الكشف والإيضاح.

وأجيب: بأن محل منع استعمال المشترك في التعريف حيث أريد منه أحد معنييه، أو أحد معانيه من غير تعيين. أما إذا صح أن يراد كل معنى يدل عليه اللفظ -كما هنا- فإنه يجوز حينئذ أخذ المشترك في التعريف إذ لا ضير فيه، على أن بين المعنيين المذكورين تلازما؛ ذلك أن الملكة صفة راسخة في النفس يقتدر بها على معرفة المسائل الجزئية، ومن المسائل الجزئية نشأت القواعد والأصول بسبب تتبع هذه الجزئيات في أساليب العرب، وبممارسة هذه القواعد والأصول تربت في النفس ملكة. فالملكة إذًا وليدة القواعد التي هي وليدة


١ يطلق العلم أيضا على "الإدراك", وإنما لم يذكر هذا المعنى لاحتياج الكلام معه إلى تقدير المتعلق بلا ضرورة داعية إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>