للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل آخر في المجاز بالحذف, والزيادة:

اعلم أن لفظ "مجاز" كما يطلق على الكلمة المنقولة عن معناها الأصلي إلى غيره -كما سبق- يطلق أيضا١ على الكلمة المنقولة عن حكم إعرابها الأصلي إلى غيره بسبب حذف لفظ، أو زيادة لفظ.

فالأول كما في نحو قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} , {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} فكل من لفظي {رَبُّكَ} و {الْقَرْيَةَ} مجاز بالحذف٢؛ إذ ليس الكلام محمولا على ظاهره لاستحالة مجيء الرب سبحانه في الآية الأولى، وللقطع بأن المراد سؤال أهل القرية، لا سؤال الأبنية في الثانية. وأصل الكلام: وجاء أمر ربك، واسأل أهل القرية، فهما -في الأصل- مجروران بالإضافة، ثم نقلا من هذا الحكم الإعرابي بسبب حذف المضاف، وجعل الأول مرفوعا على الفاعلية، والثاني منصوبا على المفعولية.

والثاني كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، فقوله: {كَمِثْلِهِ}


١ إما على سبيل الاشتراك اللفظي أي: إن لفظ "مجاز" موضوع بوضعين؛ أحدهما للكلمة المستعملة في غير معناها الوضعي، والثاني للكلمة التي تغير حكم إعرابها الأصلي، فيكون إطلاق المجاز عليها حينئذ حقيقة، وإما على سبيل التشابه أي: مشابهة الكلمة المنقولة عن إعرابها الأصلي للكلمة المنقولة عن معناها الأصلي, بجامع الانتقال عن الأصل في كل, واستعير اسم المشبه به وهو لفظ "مجاز" للمشبه, فيكون إطلاق لفظ "مجاز" على الكلمة التي تغير حكم إعرابها مجازا بالاستعارة.
٢ ويحتمل أن يكونا من قبيل المجاز المرسل, من إطلاق اسم السبب على المسبب في الأول، وإطلاق اسم المحل على الحال في الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>