للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المجاز المركب]

قلنا فيما سبق: إن المجاز على نوعين: مفرد، ومركب, وقد فرغنا من الكلام في المفرد, وهاك بيان المجاز المركب.

تعريفه, كما يقضي به القياس: هو اللفظ المركب المستعمل في غير المعنى الذي وضع له لعلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي، مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.

وهو -باعتبار هذه العلاقة- نوعان: مجاز مركب علاقته المشابهة ويسمى تمثيلا١ أو استعارة تمثيلية، ومجاز مركب علاقته غير المشابهة، ويسمى مجازا مركبا مرسلا.

الاستعارة التمثيلية:

هي اللفظ المركب المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة كما تقدم في التشبيهات المركبة٢ أي: في الهيئات المنتزعة من أمور متعددة إذا استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه, كأن تقول: "رأيت مرآة في كف أشل" تريد أن تقول: رأيت شمسا؛ فقد شبهت هيئة الشمس السابق ذكرها بهيئة المرآة في كف الأشل بجامع الهيئة الحاصلة من كل، ثم استعير المركب الموضوع للمشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية, والقرينة حالية. ومثله قوله تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} ، وحقيقة الكلام: فتركوا الميثاق وأهملوه، ولم يعتدوا به, وإجراء الاستعارة فيه أن يقال: شبهت هيئة من أخذ عليهم الميثاق


١ إذا أطلق "التمثيل" انصرف إلى الاستعارة التمثيلية, فإذا أريد التشبيه ذو الوجه المركب, قيل: تشبيه تمثيل أو تشبيه تمثيلي.
٢ هذا التعريف هو الموافق لقول الخطيب في تعريف المجاز المركب: هو اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل. ومن المعلوم أن تشبيه التمثيل هو ما يكون وجهه منتزعا من متعدد, ولا يكون ذلك إلا بين هيئتين منتزعتين من أمور متعددة, وقد سبق بحثه في مبحث التشبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>