للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إيراد المسند إليه مضافا]

يؤتى بالمسند إليه معرفا بالإضافة إلى أحد المعارف السابقة لأغراض كثيرة أهمها ما سنذكره لك فيما بعد:

١- أنها أخصر١ طريق إلى إحضار المسند إليه في ذهن السامع كما في قول جعفر بن علبة الحارثي٢.

هواي مع الركب اليمانين مصعد ... جنيب وجثماني بمكة موثق٣

يقول وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت: إن حبيبه راحل, وإن السجن حال دون أن يراه وقت رحيله، وكان يود لو يحظى منه بالنظرة الأخيرة والشاهد فيه قوله: "هواي" حيث أتى بالمسند إليه مضافا لقصد الاختصار في العبارة، وهو مطلوب هنا لضيق صدره، وفرط سآمته وتوجعه


١ ظاهره أنها أخصر طرق التعريف, وليس كذلك إذ لا تظهر الأخصرية إلا بالنسبة للموصول، أما العلم والضمير واسم الإشارة والمعرف باللام فالأمر فيها بالعكس, ويجاب بأن المراد أنها أخصر الطرق في إحضار المسند إليه متلبسا بالوصف الذي قصد إليه المتكلم لا إحضاره في ذهن السامع من حيث ذاته, فالذي قصده الشاعر في البيت المذكور إحضار المسند إليه بوصف كونه مهويا لأجل إفادة زيادة التحسر ولو قال: الذي أهواه أو المحبوب لي مع الركب اليمانين إلخ لكان مفيدا لقصد المتكلم, ولكنه ليس أخصر من الإضافة, ولو أتى به اسم إشارة أو ضميرا أو علما فقيل: هذه أو هي أو فلانة مع الركب اليمانين إلخ لم يفد غرض المتكلم من كونها محبوبة فثبت من هذا أن الإضافة أخصر الطرق.
٢ قاله وهو سجين بمكة, وكان قد قتل واحدا من بني عقيل فسجن فيه, وكان يومئذ بمكة ركب من اليمن فيه محبوبته وقد عزم هذا الركب على الرحيل فأنشد يتحسر وبعد هذا البيت:
عجبت لمسراها وأنى تخلصت ... إلي وباب السجن دوني مغلق
ألمت فحيت ثم قامت فودعت ... فلما تولت كادت النفس تزهق
٣ هواي مصدر أريد به اسم المفعول أي: مهوى "والركب" اسم جمع لراكب كصحب وصاحب "واليمانين" جمع يمان وأصل "يمان" يمني حذفت منه ياء النسب وعوض عنها الألف على خلاف القياس لكثرة الاستعمال ثم أعل إعلال قاض، "ومصعد" من أصعد في الأرض إذا سار فيها، "والجنيب" المستتبع وهو الذي يتبعه قومه ويقدمونه أمامهم مخافة سبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>