ينقسم التشبيه باعتبار الوجه أيضا إلى قسمين: قريب مبتذل، وبعيد غريب. ومعنى "قريب": أنه في متناول العامة وغيرهم، ومعنى "مبتذل": أنه متداول بين الناس, ومن هذا التفسير يعلم معنى البعيد الغريب الآتي بعد.
فالقريب المبتذل: ما ينتقل فيه الذهن من المشبه إلى المشبه به من غير تأمل, ونظر بسبب وضوح وجه الشبه فيهما, كتشبيه حسناء الوجه بالقمر في الإشراق، وحسن الصوت بالبلبل في حسن النغم، وكتشبيه الشجاع بالأسد في الإقدام، والكريم بالغيث في الإغداق. فكل واحد من هذه التشبيهات قريب؛ يكثر تداوله بين الناس؛ لسهولة انتقال الذهن فيه من المشبه إلى المشبه به بسبب وضوح وجه الشبه بين الطرفين, كما ترى.
وأسباب وضوح وجه الشبه ثلاثة:
١- أن يكون الوجه شيئا واحدا، لا تعدد فيه، ولا تفصيل كالأمثلة السابقة. فإن وجه الشبه في كل منها واحد، وإدراك الشيء الواحد لا يحتاج لغير ملاحظة واحدة؛ لهذا كان التشبيه قريبا مبتذلا؛ لانتقال الذهن فيه من المشبه إلى المشبه به بلا تأمل.
٢- أن يكون في وجه الشبه شيء من التفصيل، يحتاج إلى تعدد الملاحظة, غير أنه يكثر حضور صورة المشبه به في الذهن عند استحضاره صورة المشبه؛ لما بين الصورتين من شدة التناسب