للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تقديم وتأخير المسند]

يؤتى بالمسند مقدمًا على المسند إليه لأسباب منها.

١- قصر المسند إليه على المسند كما يقال: "مصري أنا" فتقديم المسند يفيد قصر المتكلم على المصرية، لا يتجاوزها إلى الشامية مثلًا فهو من قصر الموصوف على الصفة وسيأتي ذلك في بابه مفصلًا, وكقوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي أن هذا الملك العظيم له "سبحانه" لا لغيره.

٢- "التنبيه من أول الأمر" على أنه خبر عن المسند إليه، لا نعت له، إذ النعت لا يتقدم على المنعوت كقول حسان بن ثابت يمدح النبي "صلى الله عليه وسلم".

له همم لا منتهى لكبارها ... وهمته الصغرى أجل من الدهر

يقول: إن هممه الكبيرة لا يحصيها عد، ولا يحيط بها وهم، وإن صغرى هممه فوق همة الدهر، بمعنى أن الدهر "على عظيم خطره"، لا يفل من عزيمته ولا يحول دون إرادته, والشاهد في قوله: "له همم" حيث قدم المسند على المسند إليه تنبيهًا "من بادئ الأمر" على أنه خبر لا نعت, ولو أخره فقال: "وهم له" لتوهم ابتداء: أنه نعت لشدة حاجة النكرة إليه، وأن الخبر سيذكر فيما بعد, وكقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} ... إلى أشباه ذلك من الآيات.

٣- التفاؤل بإسماع المخاطب "من أول الأمر" ما يسره كما تقول للمريض: "في عافية أنت"، أو "في تحسن صحتك"، وكقول الشاعر:

سعدت بغرة وجهك الأيام ... وتزينت بلقائك الأعوام

قدم المسند في هذه المثل لقصد إسماع المخاطب "من أول الأمر" ما يتفاءل به، ويغتبط له.

<<  <  ج: ص:  >  >>