للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء]

[مدخل]

...

[تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء]

ينقسم الكلام إلى قسمين: خبر، وإنشاء.

فالخبر: قول يحتمل الصدق والكذب لذاته، أي هو ما يصح أن يقال لقائله: أنه صادق فيه أو كاذب، بأن يكون القول مطابقًا للواقع، أو غير مطابق -أو هو قول لا يتوقف تحقق مدلوله على النطق به- فقولك: "علي شجاع" خبر، لأنه يحتمل أن يكون علي شجاعًا في الواقع، فيكون الخبر صادقًا وألا يكون شجاعًا، فيكون الخبر كاذبًا -أو لأن مدلوله- وهو ثبوت الشجاعة له- حاصل سواء نطقت بهذا الخبر أو لا.

والإنشاء: قول لا يحتمل صدقًا ولا كذبًا، أي لا يجوز أن يقال لقائله: أنه صادق فيها أو كاذب إذ لا واقع للقول حتى يطابقه أو لا يطابق -أو هو قول يتوقف تحقق مدلوله على النطق به فقولك: "اكتب يا علي" إنشاء مدلوله طلب الكتابة منه، ولا يتعلق بهذا الطلب صدق ولا كذب- كما يتوقف تحقق مدلوله على النطق بهذا المطلب، وسيأتي البحث فيه قريبًا.

تنبيه:

اعلم أن احتمال الخبر للصدق والكذب منظور فيه إلى ذات الجملة الخبرية، بغض النظر عن المخبر أو الواقع إذ لو نظرنا إلى ذلك لوجدنا بعض الأخبار مقطوعًا بصدقه، لا يحتمل كذبًا، وبعضها مقطوعًا بكذبه: لا يحتمل صدقًا -فالأول كأخبار الله تعالى: وأقوال أنبيائه- وكالبديهيات مثل "الكل أعظم من الجزء" و"الواحد نصف الاثنين" ونحو "السماء فوقنا" "والأرض تحتنا" وغير ذلك مما لا يحتمل كذبًا, والثاني كأقوال مسيلمة الكذاب، ونحو قولك "الجهل نافع". و"العلم ليس بنافع" وما أشبه ذلك: مما لا يحتمل الصدق, فلأجل جعل هذه الأقوال من أفراد الخبر المحتمل للصدق والكذب، ينبغي أن ينظر فيها إلى ذات الجملة الخبرية، وأن يقطع النظر عن المخبر أو عن الواقع, لهذا زيد قوله "لذاته" في التعريف الأول للخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>