للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقسيم الثاني باعتبار الملائم]

تنقسم باعتبار ذكر الملائم لأحد الطرفين، وعدم ذكره إلى ثلاثة أقسام: مرشحة، ومجردة، ومطلقة.

فالمرشحة: ما قرنت بما يلائم المستعار منه أي: المشبه به، سواء كان ذلك الملائم صفة نحوية، أو معنوية، أو كان تفريعا١. فمثال الأول من الاستعارة الأصلية قولك: "رأيت أسدا حادّ الأنياب منتفش اللبدة"، وقولك: "جاورت بحرا بعيد الغور"، فقد استعير في الأول "الأسد" للرجل الجريء، ثم وصف المستعار منه بما يلائمه من حدة الأنياب، وانتفاش اللبدة ترشيحا للاستعارة, واستعير في الثاني "البحر" للعالم الجليل، ثم وصف المستعار منه بما يلائمه من بعد الغور ترشيحا للاستعارة، وكلا الترشيحين وصف نحوي. ومثال الترشيح بالصفة المعنوية من الاستعارة الأصلية أيضا قول الشاعر:

ينازعني ردائي عبد عمرو ... رويدك يا أخا عمر بن بكر

لي الشطر الذي ملكت يميني ... ودونك فاعتجر منه بشطر٢

يقول: ينازعني عبد عمرو سيفي الذي أقي به نفسي وعرضي، ثم التفت وقال له: تمهل، فسأقسم بيني وبينك، فأحتفظ لنفسي بقائمه الذي بيدي، وأعطيك أنت صدره, يريد: أنه سيضربه على رأسه بصدر سيفه ضربا يشق ذلك الرأس ويشطره، فهو يهدده


١ الفرق بين الصفة والتفريع أن الملائم إن كان من بقية الكلام الذي فيه الاستعارة فهو صفة, وإن كان كلاما مستقلا جيء به بعد ذلك الكلام الذي فيه الاستعارة مبنيا عليه كان تفريعا, سواء كان بحرف التفريع أو لا, والعبرة بالاعتبار والقصد, فنحو قولك: "رأيت أسدا يرمي" يصح أن يكون من قبيل الصفة، ومن قبيل التفريع.
٢ رويدك: اسم فعل بمعنى أمهل, وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، ودونك: اسم فعل بمعنى خذ، والاعتجار: لف الرأس بنحو ثوب، وأراد بالشطر الذي ملكت يمينه: قائم سيفه، وبالشطر الآخر: صدر السيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>