للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حذف المسند]

بحذف المسند لأغراض عدة، نذكر منها ما يلي:

١- ضيق المقام بسبب المتوجع من ألم، أو بسبب المحافظة على وزن كما في قول ضابعي بن الحارث.

ومن يك أمسى بالمدينة رجله ... فإني وقيار بها لغريب

يشكو الشاعر ما يعانيه من مرارة الوحشة، وقد آلمه أشد الأم أن يرى نفسه غريب الدار، نائيًا عن الأهل والوطن، بينما يرى غيره ينعم باجتماع شمله بأهله ووطنه, و"قيار" اسم فرس أو جمل للشاعر, قدمه على قوله: "لغريب" لنكتة لطيفة، هي أن هذا الحيوان الأعجم قد ناله من كرب الغربة ما جعله يشاطر صاحبه هذا الألم، وقوله: "لغريب" خبر "أن" بدليل اقترانه بلام الابتداء، وأما المسند إلى "قيار" فمحذوف. والتقدير: "وقيار غريب" وهذا هو محل الشاهد، إذ قد حذف لضيق المقام بسبب ما يعانيه الشاعر من آلام الاغتراب وغصص النوي, قد يكون الحذف المذكور للمحافظة على وزن الشعر, ومثل قول ابن الحارث قول الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف١

يقول كلانا قانع برأيه: راض به "وإن كنا على خلاف" فكل يرى ما يتفق مع حاله، فرب حسن عند دنيء الهمة قبيح عند عاليها, وقوله "راض" خبر أنت، وأما المسند إلى "نحن" فمحذوف، تقديره: "نحن رضوان" وهو محل الشاهد إذا قد حذف لضيق المقام بسبب تألم الشاعر


١ الفرق بين هذا المثال والذي قبله، أن المحذوف في البيت السابق خبر "قيار" إذ لا يجوز أن يكون "لغريب" خبرًا عنه، لأن لام الابتداء لا تدخل على خبر المبتدأ غير المنسوخ في فصيح الكلام, فقد حذف من الثاني لدلالة الأول عليه, وأن المحذوف في هذا البيت خبر "نحن" إذ لا يجوز أن يكون "راض" خبرًا عنه لعدم مطابقته للمبتدأ في الدلالة على الجمع, فقد حذف من الأول لدلالة الثاني عليه عكس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>