فالوجه الواحد: ما لا تركب فيه ولا تعدد "كالحمرة" في قولك: "خده كالورد" و"كالنعومة" في قولك: "لها بشر مثل الحرير"، و"كالحلاوة" في قولك: "تفاحك كالعسل"، و"كالكرم" في قولك: محمد كحاتم، و"كالهداية" في قولك: العلماء العاملون كالنجوم, فوجه الشبه في هذه المثل جميعها شيء واحد كما رأيت.
والمركب المنزل منزلة الواحد: ما كان مركبا من متعدد تركيبا اعتباريا, بأن يقصد إلى عدة أوصاف لشيئين، فتنتزع منها هيئة تعمهما بحيث لا يصلح واحد منها على انفراده وجه شبه، وبحيث لو سقط واحد منها لم يتم التشبيه, كما في قول بشار المتقدم:
كأن مثار النقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
فإن وجه الشبه -على ما سبق- مجموع الهيئة المنتزعة من هوي أجرام مشرقة، مستطيلة الأشكال، متناثرة في جوانب شيء مظلم, ولا يصح "في العرف البلاغي" جعل واحد من هذه الأشياء وجه شبه على حدة؛ لأن القصد تشبيه الطرفين في هذه الهيئة المجتمعة, كما لا يصح إسقاط واحد منها "في اعتبار المتكلم" لصيرورة الهيئة وحدة متضامة الأجزاء. ومثله قول الشاعر:
والبدر في كبد السماء كدرهم ... ملقى على ديباجة زرقاء