للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في شرائط حسن الاستعارة]

تحسن الاستعارة في اعتبار البلغاء إذا توفرت الآتية بعد:

١- أن تراعى جهات حسن التشبيه؛ لأنها مبنية عليه فهي تابعة له في الحسن والقبح, فإن حسن حسنت، وإن قبح قبحت.

فمن جهات حسن التشبيه:

أن يكون وافيًا بالغرض منه, فإن كان الغرض منه -مثلًا- تزيين المشبه "كوجه أسود"، فشبه بمقلة الظبي ذات السواد الجميل, ثم استعير له لفظها، فقيل: "رأيت مقلة ظبي"، وأريد ذلك الوجه الأسود حسنت الاستعارة لوفاء التشبيه بالغرض. فإذا شبه الوجه المذكور بالفحم لإفادة هذا الغرض ثم استعير له لفظه، فقيل: رأيت قطعة فحم، وأريد الوجه الأسود لم تحسن الاستعارة لعدم حسن التشبيه, إذ لم يف بالغرض المطلوب. وإن كان الغرض منه تشويه وجه أسود عليه آثار الجدري، فشبهه بحمأة٢ يابسة قد نقرتها الديكة، ثم استعير له لفظها، فقيل: رأيت حمأة منقورة، وأريد الوجه الأسود المجدور, حسنت الاستعارة لوفاء التشبيه بالغرض منه، ولو شبه الوجه المذكور لإفادة هذا الغرض بقطعة منقبة من معدن كريم أسود اللون، ثم استعير له لفظها فات الحسن. وهكذا يقال في سائر أغراض التشبيه السابقة.

ومن جهات حسن التشبيه:

أن يكون وجه الشبه غير مبتذل بأن يكون غريبًا لطيفًا؛ لكثرة التفصيل فيه مثلًا كما سبق في تشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل، إذ قد اعتبر في الوجه: الاستدارة, والإشراق، والتموج، والحركة السريعة المتصلة, فإذا استعير لفظ "المرآة في كف الأشل" للشمس فقيل: رأيت مرآة في كف


١ نقض البناء: أزال لبناته، ونقض الحبل: فك طاقاته.
٢ الحمأة: الطين الأسود.

<<  <  ج: ص:  >  >>