للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تقسيم التشبيه باعتباره الأداة]

...

تقسيم التشبيه باعتبار الأداة:

ينقسم التشبيه بهذا الاعتبار إلى قسمين- مرسل، ومؤكد:

فالمرسل: ذكرت فيه أداة التشبيه لفظا أو تقديرا- فمثال الأول قوله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ، كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} وقولك: ناقضو العهود كالأفاعي، وقولك: الساعي بلا طائل كالناقش على الماء- وقول المعري:

تحطمنا الأيام حتى كأننا ... زجاج ولكن لا يعادله سبك

ومثال ما قدرت فيه الأداة قولك: سجعه سجع الحمام، ووشيه وشى الطاووس إذا قدرت في نفسك: أنه على معنى "الكاف" وأن المشبه مثل المشبه به. لاعينه- وسمى مرسلا لإرساله عن التأكيد، أي خلوه منه.

والمؤكد: ما تركت فيه الأداة لفظا وتقديرا، أي ترك التصريح بها، وتنوسيت في نظم الكلام أيضا إشعارا -من حيث الظاهر- بأن المشبه هو المشبه به عينه مبالغة، كما تقول: وجهه النهار، وطبعه النسيم، وألفاظه الدر، وعزمه السيف قال المتنبي:

أين أزمعت أيهذا الهمام ... نحن نبت الربا وأنت الغمام

فتترك ذكر الأداء، ولا تقدرها في نفسك، ادعاء منك: أن المشبه هو المشبه به نفسه، لا شيء سواه -ومنه قوله تعالى: "وهي تمر مر السحاب"، يريد -والله أعلم- أن الجبال يوم القيامة، بعد النفخة الأولى تسير في الهواء كالسحاب، تسوقه الرياح، فهو تشبيه مؤكد، تركت فيه الأداة، وتنوسي تقديرها. ليكون المعنى: أن مرور الجبال يوم القيامة هو

<<  <  ج: ص:  >  >>