للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحوال متعلقات بالفعل]

الكلام في هذا الباب مقصور على بحثين:

"١" بحث حذف المفعول.

"٢" بحث تقديمه على عامله.

البحث الأول:

اعلم: أن للفعل ارتباطًا بكل من الفاعل والمفعول, فارتباطه بالفاعل من جهة وقوعه منه، وارتباطه بالمفعول من حيث وقوعه عليه, ولاختلاف نوع الارتباط اختلف أثر العامل، ولهذا كان أثره في الفاعل "الرفع" وفي المفعول "النصب".

والفعل المتعدي إذا أسند إلى فاعله، ولم يكر له مفعول، لا بد فيه من داع لهذا الهدف, وهاك أهم دواعيه:

١- البيان بعد الإبهام كما في فعل المشيئة١ إذا وقع شرطًا، ولم يكن تعلقه بالمفعول المحذوف غريبًا، كقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} , فمفعول فعل المشيئة محذوف، والتقدير: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُم} , ونكتة حذفه: "البيان بعد الإبهام" لأنه لما قيل: "ولو شاء" علم أن هناك شيئًا تعلقت به المشيئة، فلما جيء بجواب الشرط وهو قوله: {لَهَدَاكُمْ} وضح ذلك الشيء، وعلم أنه "الهداية" فكل من الشرط والجواب حينئذ دلا على المفعول، غير أن الشرط دل عليه إجمالًا، والجواب دل عليه تفصيلًا, والبيان بعد الإبهام أو لتفصيل بعد الإجمال، أو وقع في النفس, إذ إن السامع حينما يسمع قوله: {وَلَوْ شَاءَ} تتحرك نفسه، وتتشوق إلى ما تعلقت به المشيئة، فإذا جاء بعد ذلك جاء النفس في لهفة وشوق، ترقب قدومه فلا يلبث أن يقع منها موقع الماء الفرات من جوف الصدى, ومنه قول الشاعر:


١ مثله كل ما في معناه كالإرادة والرغبة والمحبة وما شابه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>