للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستعارة الأصلية]

ما كان اللفظ المستعار فيها اسم جنس غير مشتق, والمراد به الماهية الصالحة لأن تصدق على كثيرين١، من غير اعتبار وصف من الأوصاف في الدلالة٢, سواء كان صدقها على الكثيرين حقيقة، أو تأويلا، وسواء كانت اسم عين "كالأسد"، أو اسم معنى "كالضرب والقتل".

فمثال اسم الجنس الحقيقي لفظ "أسد" من نحو قولك: "رأيت أسدا يداعب أقرانه" أي: رجلا باسلا. وإجراء الاستعارة فيه -على ما سبق- أن يقال: شبه الرجل الباسل المقدام بالأسد بجامع الجراءة في كل، ثم ادعي أن الرجل المقدام فرد من أفراد الأسد وداخل في جنسه، ثم استعير اسم المشبه به للمشبه استعارة أصلية؛ لأن اللفظ المستعار وهو "أسد" اسم جنس حقيقة, إذ يصدق على كل فرد من أفراد هذا الحيوان المفترس.

ومثال اسم الجنس التأويلي لفظ "حاتم" ونحوه من كل علم اشتهر مدلوله بنوع من الوصف, كما في قولك: "رأيت اليوم حاتما" تريد رجلا مسماحا، فلفظ حاتم علم على الذات المعروفة، ولكن تؤول


١ احترز به عن الأعلام، والمضمرات، وأسماء الإشارة، والأسماء الوصولة, فإنها كلها جزئيات لا تجري فيها الاستعارة؛ لعدم صدقها على غير مدلولها الجزئي.
٢ خرج به المشتقات كضارب وقاتل؛ لأنها وإن صدقت على كثيرين لكن باعتبار ما تدل عليه من الوصف, فالاستعارة فيها تبعية لا أصلية بخلاف لفظ نحو أسد, فإنه دال على الماهية من غير اعتبار وصف فيه؛ لأنه موضوع للحيوان المفترس من حيث ذاته, لا باعتباره ذا جرأة وإقدام حتى لو وجد أسد لا جرأة فيه صدق عليه اسم الأسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>