للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مواضع الفصل والوصل]

الأول: أن يكون بين الجملتين "كمال انقطاع"، بحيث لا يصح الربط بينهما لكن ذلك مشروط بألا يكون في الفصل إيهام خلاف المراد كما سيأتي بيانه بعد, وإنما وجب الفصل في هذه الحالة لأن العطف بالواو يقتضي المناسبة بين الجملتين، ولا مناسبة فيما بينهما كمال انقطاع.

الثاني: أن يكون بين الجملتين "كمال اتصال"، بحيث لا يصح التغاير بينهما, وإنما وجب الفصل في هذه الحالة؛ لأن العطف بالواو يقتضي المغايرة بين الجملتين، ولا مغايرة فيما بينهما كمال اتصال.

الثالث: أن يكون بين الجملتين "شبه كمال انقطاع".

الرابع: أن يكون بين الجملتين "شبه كمال اتصال", وإنما وجب الفصل في هاتين الحالتين لما ذكر في الحالتين الأوليين لأن شبه الشيء يأخذ حكمه.

الخامس: أن يكون بين الجملتين "توسط بين كمال الانقطاع وكمال الاتصال" مع قيام المانع من الوصل, وإليك تفصيل القول في المواضع الخمسة على الترتيب المذكور:

أما كمال الانقطاع بين الجملتين "بالشرط المتقدم"، فيتحقق في صورتين:

الأولى: أن تختلف الجملتان خبرًا وإنشاء بأن تكون أحداهما خبرًا لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، وتكون الأخرى إنشاء لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، فالمدار في الاختلاف على المعنى١.

فمثال اختلافهما لفظًا ومعنى "والأولى هي الإنشاء" قول الشاعر:

لا تسأل عن المرء عن خلائقه ... وجهه شاهد من الخبر

فصلت الجملة الثانية عن الأولى لاختلافهما خبرا وإنشاء في اللفظ والمعنى كما ترى, ومثله قول الشاعر:


١ فإن اختلفا لفظًا فقط وجب الوصول نحو قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} إلى قوله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} فقوله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} عطف على قوله: {لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} لأنه بمعنى النهي أي "لا تعبدوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>