للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجلد الرابع]

[علم المعاني]

[مدخل]

...

[علم المعاني]

قدم الخطيب القزويني في تلخيصه: علم المعاني على علم البيان معللا ذلك بأن علم المعاني من البيان بمنزلة المفرد من المركب.

بيان ذلك: أن مرجع علم البيان أمران: أحدهما: إيراد المعنى الواحد في تراكيب مختلفة في وضوح الدلالة. ثانيهما: رعاية مطابقة هذه التراكيب لمقتضى الحال.

ولهذا عرفوه بأنه: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد في تراكيب مختلفة في وضوح الدلالة، مع رعاية المطابقة لمقتضى الحال, فصار كأنه مركب من هذين الأمرين.

أما علم المعاني فمرجعه رعاية مطابقة الكلام لمقتضى الحال فحسب، وهي أحد الأمرين اللذين هما مرجع علم البيان, والمفرد مقدم في الوجود طبعا، فقدم في التأليف وضعا.

وإنما كان علم المعاني شبيها بالمفرد، لا مفردا حقيقة؛ لأن علم البيان لم يكن مركبا من الأمرين السالفين على التحقيق إذ حقيقة المركب ما توقف تحققه على تحقق أجزائه، وعلم البيان لا يتوقف تحققه على ثاني الأمرين السابقين، وإنما المدار في تحققه على الأول منهما وهو الإيراد المذكور الناشئ عن ملكة في النفس -وجدت رعاية المطابقة أو لم توجد- فإذا قلت لخالي الذهن مثلا: "إن محمدا لهزيل الفصيل, وإنه لجبان الكلب، كثير الرماد، معبرا بذلك عن كرمه كنت بيانيا متى كان ذلك وليد ملكة فيك مع أنك لم تراع في قولك مطابقته لمقتضى حال المخاطب إذ إن حاله يقتضي خلو الكلام من التأكيد.

فعلم البيان حينئذ لا يتوقف تحققه على الأمر الثاني, ولكن لما كان إيراد المعنى الواحد في التراكيب المختلفة لا يعتبر ولا يعتد به عند البلغاء إلا بعد رعاية تلك المطابقة لمقتضى الحال كان علم البيان بمثابة المركب منهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>