للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقسيم الثالث]

ينقسم التشبيه باعتبار الوجه أيضًا إلى ثلاثة أقسام:

أن يكون وجه الشبه فيه حسيًّا أي: مدركًا بالحس, مفردًا كان, أو مركبًا، أو متعددًا.

فالمفرد الحسي "كالإشراق" في قولك: له وجه كالبدر، و"كالنعومة" في قولك:

له جسد مثل الحرير, و"كالطيب" في قولك: عرفه كشذا المسك, إلى آخر ما تقدم من الأمثلة في الأمور الحسية.

والمركب الحسي: ما تقدم في تشبيه "البدر في كبد السماء" بدرهم ملقى على ديباجة زرقاء، فإن وجه الشبه "كما بينا غير مرة" هو الهيئة الحاصلة من ظهور صورة بيضاء مشرقة مستديرة، في رقعة مبسوطة زرقاء, وهذه الهيئة حسية تدرك بحاسة البصر.

والمتعدد الحسي: ما تقدم في تشبيه فاكهة بأخرى في الطعم، واللون، والرائحة. فوجه الشبه كل واحد من هذه الأمور الثلاثة, وجميعها حسي يدرك الأول منها بحاسة الذوق، والثاني بحاسة البصر، والثالث بحاسة الشم.

٢- أن يكون وجه الشبه فيه عقليًّا أي: مدركًا بالعقل, مفردًا كان أو مركبًا أو متعددًا.

فالمفرد العقلي "كالهداية" في قوله صلى الله عليه وسلم: $"أصحابي كالنجوم, بأيهم اقتديتم اهتديتم" و"كالجرأة" في قولك: عمر كالأسد, فوجه الشبه في هذين المثالين لا يدرك بشيء من الحواس، وإنما يدرك بالعقل.

والمركب العقلي كقول الشاعر:

والمستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار

فوجه الشبه فيه هو الهيئة الحاصلة من الالتجاء من الضار إلى ما هو أضر؛ طمعًا في الانتفاع به, وهذه الهيئة مما يدرك بالعقل.

والمتعدد العقلي كقولك: محمد كأبيه في شجاعته، وحلمه، وإيمانه. فوجه الشبه كل واحد من هذه الأمور الثلاثة, والجميع مما لا يدرك بغير العقل.

٣- أن يكون الوجه مختلفًا -بعضه حسي وبعضه عقلي- كما في وجه الشبه المتعدد, كأن تشبه رجلًا بآخر في طوله وجسامته، وكرمه وشهامته. فوجه الشبه كل واحد من هؤلاء الأربعة, غير أن الأولين منها حسيان، والآخرين عقليان، كما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>