للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجه الحاجة إلى دراستها]

مرجع ذلك إلى أمور ثلاثة:

الأول: أن الناظر في هذه العلوم، والمدرك لها، والحائز لملكتها يقف عن يقين؛ لا يشوبه تردد على جهة إعجاز القرآن الكريم بالتفصيل. وهي جهة دلالته اليقينية على صدق محمد -صلى الله عليه وسلم- فيكون بذلك مؤمنا عن عقيدة، لا عن تقليد، وعن برهان، لا عن محاكاة، وذلك شرف لا غاية وراءه.

الثاني: أن المتمكن من أصولها وأحكامها يلمس بنفسه دقائق العربية وأسرارها، ويدرك مراتب الكلام ومزايا صوره شعرا ونثرا؛ لأن عليها مدار النقد ومعرفة الجيد من الكلام ورديئه، ومن وفق إلى الإحسان من أرباب القول ومن لم يوفق, وإلا فكيف يعرف الجاهل بفنون البلاغة وأصولها فضل كلام على كلام، وشرف متكلم على آخر، وكيف يستطيع مثل هذا أن يوازن بين شعر وشعر، أو أن يفاضل بين خطيب وخطيب؟

الثالث: أن الدارس لهذه الفنون، الخبير بضوابطها وقوانينها, العارف لأصولها وفروعها إذا أراد أن يقول شعرا أو نثرا في أي غرض من الأغراض, استطاع أن يجد من أمره رشدا، فيصيب الهدف، ويدرك القصد، ويأتي بما يطابق الحال من الألفاظ والتراكيب، ويهتدي إلى المستجاد من الكلام، والمختار من القول؛ لأن معه النبراس الذي يستضيء به، ويسير على هداه.

<<  <  ج: ص:  >  >>