للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البلاغة]

[مدخل]

...

[البلاغة]

هي في "اللغة" تنبئ عن الوصول والانتهاء؛ لكونها وصولا خاصا, وهو أن يبلغ الرجل بعبارته كنه مراده أي: غايته. يقال: بلغ١ الرجل بلاغة, إذا أصاب من نفس مخاطبه حاجته، وبلغ منه ما أراد.

وهي "في الاصطلاح" تختلف باختلاف موصوفها، وهو أحد اثنين: الكلام، والمتكلم. يقال: هذا كلام بليغ، وهذا متكلم بليغ, ولا توصف بها الكلمة، فلا يقال: هذه كلمة بليغة؛ لعدم ورود السماع بذلك٢.

أما المركب الناقص, فعلى رأي من يدخله في الكلمة لا يوصف بالبلاغة أيضًا، وعلى رأي من يدخله في الكلام يوصف بها. غير أن وصفه بالبلاغة على هذا الرأي محل نظر؛ لأن بلاغة الكلام -على ما سيأتي- مطابقته لمقتضى الحال، ولا يكون الكلام مطابقا حتى يكون تاما مفيدا.


١ على زنة شرف.
٢ هذا هو التعليل الصحيح. وقيل في تعليل ذلك: إن البلاغة هي المطابقة لمقتضى الحال، وهذه المطابقة إنما تحصل بمراعاة المعاني الزوائد على أصل المعنى؛ كأن يراعى معنى التأكيد في خطاب المنكر، أو الإيجاز في خطاب الذكي, وهذا المعنى لا يتحقق في المفرد، بل لا بد فيه من مركب مفيد وهو تعليل لا ينتج المدعى؛ لأن المطابقة بالمعنى المذكور إنما هي في بلاغة الكلام والمتكلم على ما سيأتي. أما المفرد فيحتمل أن يكون له بلاغة بمعنى آخر لم نطلع عليه, كما وجد ذلك في فصاحة المفرد. فإن أجيب بأن لا معنى للبلاغة عند العرب إلا هذا المعنى؛ فقد آل الأمر إلى التعليل بعدم السماع كما قلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>