للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستعارة التبعية]

ما كان اللفظ المستعار فيها فعلا، أو اسما مشتقا، أو حرفا، والأسماء المشتقة -كما علمت في غير هذا الفن- هي: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل، واسما الزمان والمكان، واسم الآلة, وما إلى ذلك، وهاك أمثلتها على التوالي:

الاستعارة في الفعل:

الفعل له "مادة" هي حروفه الدالة على الحدث، وله "صيغة" وهي الهيئة الدالة على الزمان كما في صيغتي الماضي والمضارع، والاستعارة في الفعل، باعتبار مادته غيرها، باعتبار صيغته.

فمثالها في الفعل باعتبار مادته قولك: "من غرس الجميل محبوب" ففي غرس استعارة تصريحية تبعية، إجراؤها: شبه الفعل الجميل بالغرس بجامع انتظار الثمرة في كل، ثم استعير الغرس للفعل الجميل، فصار الغرس بمعنى الفعل الجميل، ثم اشتق من الغرس بهذا المعنى "غرس" بمعنى فعل الجميل على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية. وكقولك: "نطقت" حالك بكذا, فالنطق -كما هو معلوم- وصف للإنسان، لا للحال، وإنما توصف الحال بالدلالة. وتقرير الاستعارة فيها أن يقال: شبهت الدلالة الواضحة بالنطق في إيضاح المعنى، ثم استعير النطق للدلالة الواضحة، فصار النطق بمعنى الدلالة الواضحة، ثم اشتق من النطق بهذا المعنى "نطقت" بمعنى دلت, على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية. ومنه قوله تعالى: {يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} فالإحياء -وهو إيجاد الروح- إنما يناسب الحيوان، لا الأرض، والذي يناسب الأرض إنما هو "التزيين"، فيشبه حينئذ تزينها بالنبات ذي الخضرة والنضارة بالإحياء في الحسن والنفع، ثم يستعار الإحياء للتزيين، فيصير الإحياء بمعنى التزيين، ثم يشتق من الإحياء بهذا المعنى {يُحْيِي} بمعنى يزين, على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>