للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقسيم الثاني]

ينقسم التشبيه باعتبار إفراد الطرفين وتركيبهما إلى أربعة أقسام:

١- أن يكون طرفاه مفردين, وهما إما أن يكونا مطلقين عن التقييد بنحو وصف، أو إضافة، أو مفعول، أو حال، أو غير ذلك، أو يكونا مقيدين بشيء مما ذكر, أو يكون أحدهما مقيدا، والآخر مطلقا.

فالمفردان المطلقان كقولك: "لها لحظ كالسهم، وثغر كالدر", والمقيدان كما في تشبيه من لم يحصل من سعيه على نتيجة بالناقش على الماء؛ فالمشبه هو "الساعي" المقيد بأن سعيه لم يكلل بنجاح، والمشبه به هو "الناقش" المقيد بأن نقشه على صفحة الماء، ووجه الشبه هو أن الفعل وعدمه سيان في عدم ترتب نتيجة. ومثله قول الشاعر:

إني وتزييني بمدحي معشرا ... كمعلق درا على خنزير

يريد أن يشبه الشاعر نفسه مقيدا بعمل خاص، وهو مدحه من لا يستحقون المدح بالمعلق مقيدا بعمل خاص، وهو تعليقه شيئا نفيسا بعنق شيء خسيس غير قابل للزينة، فالمشبه مقيد "بحال" والمشبه به مقيد بمفعول وجار ومجرور، ووجه الشبه هو هيئة من يضع الشيء في غير موضعه.

ومثال ما فيه المشبه مطلق، والمشبه به مقيد قول الشاعر:

والشمس كالمرآة في كف الأشل ... لما رأيتها بدت فوق الجبل

يريد أن يشبه الشمس بالمرآة بقيد كونها في يد رعشاء, ووجه الشبه الهيئة الحاصلة من الاستدارة، والحركة السريعة المتصلة، مع تموج الإشراق حتى يرى الشعاع كأنه ينبسط، ثم يرجع من انبساطه إلى الانقباض, فالمشبه "الشمس" مطلقة عن التقييد بشيء، والمشبه به "المرآة" مقيدة بالقيد المذكور. ومثله تماما قول الآخر:

ولاحت الشمس تحكي عند مطلعها ... مرآة تبربدت في كف مرتعش

ومن هذا الضرب قولك: "وجهها كالبدر ليلة تمامه"، و"ثغرها كاللؤلؤ المنظوم"، ووجه الشبه في الأول هيئة الجمال، مع كمال الإشراق، وفي الثاني هيئة البريق، مع التنسيق.

ومثال ما فيه المشبه مقيد، والمشبه به مطلق عكس الأمثلة السابقة، وهو أن تشبه المرآة في كف الأشل بالشمس، أو تشبه البدر ليلة تمامه بوجه المرأة، أو تشبه اللؤلؤ المنظوم بالثغر تشبيها مقلوبا؛ مبالغة في وصف المشبه بوجه الشبه على ما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>