فالعقلى حينئذ: ما لا يدرك هو ولا مادته بإحدى الحواس الظاهرة ليدخل فيه التشبيه الوهمي المذكور, كما يدخل فيه أيضا ما يدرك بالوجدان أي: بالقوة الباطنة، ويسمى "وجدانيا" كاللذة، والألم، والفرح، والغضب، وكالعطش، والجوع، والري، والشبع١, وما شاكل ذلك من الحالات التي لا يدركها الحس الظاهري، ولا العقل الصرف الذي لا يستند إلى حس باطني، وإنما تدرك بإحساس باطني، وتكييف نفسي كالحالة الخاصة التي يحسها الجائع، أو الظامئ، أو يحسها من شبع بعد جوع، أو روى بعد ظمأ. مثال ذاك: أن يشبه الجائع ما يحسه من ألم الجوع بالموت، أو أن يشبه الظامئ ما يشعر به من وهج العطش بالنار ا. هـ.
١ هي أمور حسية أي: مستندة إلى إحساس باطني خاص فلا يدركها العقل الصرف, وإنما يدرك العقل المعاني الكلية لهذه الأشياء كأن يتصور العقل معنى اللذة على أنها شعور خاص يحصل عند نيل الشيء اللذيذ، وأن يتصور معنى الجوع على أنه ميل إلى الطعام واشتهاء إليه. أما الحالة النفسية التي تعتري الملتذ بالشيء أو التي تعرض للجائع فلا يدركها العقل وحده, بل لا بد من تكيف خاص يحس به الملتذ أو الجائع فالفرق واضح.