للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنكير المسند إليه]

يؤتى بالمسند إليه نكرة لأسباب أهمها ما سنذكره لك فيما يلي:

١- أن يكون القصد إلى فرد غير معين, إما لأن المتكلم لم يعلم جهة من جهات التعريف: من علمية، أو صلة، أو غير ذلك، أو لأن غرضه لم يتعلق بتعيينه، وإن كان معينًا, مثال الأول قولك لآخر: "حضر رجل هنا يسأل عنك" تقول ذلك إذ لم تعرف اسمه، ولا شيئًا يتعلق به, ومثال الثاني قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} فقد ذكر المفسرون أن ذلك الرجل هو "حبيب النجار" غير أن الغرض لم يتعلق به معينًا.

٢- أن يكون القصد نوعًا خاصًّا من أنواع الجنس كقوله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَة} نكر المسند إليه وهو "غشاوة"؛ لأن المقصود نوع خاص من أنواع الأغشية غير ما يتعارفه الناس, ذلك هو غطاء التعامي عن الحق، أي الإعراض عن آيات الله١.

٢- أن يكون الغرض تعظيم المسند إليه، أو تحقيره، وأنه بلغ في رفعة الشأن حدًّا فوق متناول المدارك، أو انحط إلى درجة لا يعتد بها.


١ يرى السكاكي أن التنكير في هذا لتعظيم أي غشاوة عظيمة تحجب أبصارهم دفعة واحدة وتحول بينهم وبين الإدراك, لكن هذا لا يتنافى مع قصد النوعية: لأن الغشاوة العظيمة التي هي غطاء التعامي عن الحق نوع خاص من أنواع الأغشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>