للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبدر في كبد السماء كدرهم ... ملقى على ديباجة زرقاء

فإن وجه الشبه فيه مجموعة الأمور المتقدم ذكرها, وهي ظهور صورة بيضاء, مشرقة, مستديرة، في رقعة زرقاء، مبسوطة، فلو حذف من هذه المجموعة واحد "كالاستدارة أو الإشراق" مثلًا لم يتم التشبيه بين الطرفين. أما الوجه المتعدد, فإن المنظور فيه إلى أمور متعددة، يقصد جعل كل واحد منها على استقلاله وجه شبه بحيث لو حذف أحدها لم يختل التشبيه كما في المثال السابق في تشبيه الفاكهة بأخرى في الطعم، والرائحة، واللون؛ فإنك لو حذفت اللون مثلًا، أو الطعم، أو الرائحة لم يختل التشبيه إذ ليس الغرض جعل وجه الشبه الهيئة الحاصلة من مجموع هذه الأمور, بل المراد جعل كل واحد وجه شبه، من غير أن يتقيد أحدها بالآخر ا. هـ.

الثاني: إذا كان وجه الشبه مركبًا وجب أن يكون الطرفان مركبين أو مقيدين، أو أحدهما مركبًا، والآخر مقيدًا ولو تقديرًا؛ وذلك أن وجه الشبه قائم بالطرفين، منتزع منهما, وليس معقولا أن تقوم هيئة مركبة من عدة أمور بشيء واحد, أو أن تنتزع من شيء واحد. فوجه الشبه "في البيت السابق" هو الهيئة المركبة من الأشياء المذكورة، وتلك الهيئة لا يمكن أن تقوم بشيء واحد، ولا أن تنتزع منه. كذلك وجه الشبه في تشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل هو الهيئة الحاصلة من جملة أشياء هي: الاستدارة، والإشراق، وتموجه الناشئ من الحركة السريعة المتصلة, وأحد الطرفين فيه وهو "الشمس" وإن أفرد لفظًا هو مقيد معنى بجملة قيود هي: الإشراق المتموج، والحركة السريعة المتصلة، والاستدارة, وبهذا صح أن يكون منتزعًا للهيئة المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>