للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقتل حسما للنزاع. والشاهد فيه: استعارة الرداء للسيف، ثم وصف الرداء الذي هو المستعار منه بما يلائمه من الاعتجار -إذ هو لف الرأس بنحو ثوب- ترشيحا للاستعارة. ومثال الترشيح بالتفريع، والاستعارة تبعية قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا ١ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ؛ استعير الاشتراء للاختيار، واشتق منه {اشْتَرَوْا} بمعنى: اختاروا، ثم فرع عليه بما يلائم المستعار له من نفي الربح والتجارة؛ ترشيحا للاستعارة.

وسمي هذا القسم استعارة "مرشحة"؛ لأن الترشيح معناه التقوية، وذكر ملائم المشبه به يبعدها عن الحقيقة، ويقوي فيها دعوى الاتحاد التي هي مبنى الاستعارة.

والمجردة: ما قرنت بما يلائم المستعار له، سواء كان هذا الملائم صفة نحوية، أو معنوية، أو كان تفريعا. فمثال الصفة النحوية قول البحتري:

يؤدون التحية من بعيد ... إلى قمر من الإيوان باد٢

فقد استعار القمر للإنسان الجميل، ثم وصف المستعار له بما يلائمه من كونه مطلا من الإيوان تجريدا للاستعارة, وقرينتها قوله: "يؤدون التحية من بعيد". ومثله قولك: "أبصرت رئبالا يقود جيشا، ويخطب الجنود"، استعير الرئبال لقائد همام, ثم وصف المستعار له بما يلائمه من خطابه في الجنود تجريدا للاستعارة، وقرينتها قوله:


١ شبه إيثار الباطل على الحق واختياره دونه بالاشتراء بجامع استبدال شيء مرغوب عنه بشيء مرغوب فيه، ثم استعير اسم المشبه به وهو الاشتراء للمشبه الذي هو الإيثار والاختيار, ثم اشتق من الاشتراء بمعنى الإيثار والاختيار {اشْتَرَوْا} بمعنى: آثروا واختاروا, على طريق الاستعارة التبعية.
٢ الإيوان: اسم لبناء ضخم, ومنه إيوان كسرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>