لأن انتقال الذهن من معنى الإبل إلى الناس إنما يكون باعتبار المعنى المشهور في الإبل، وهو كثرة الأكل، وقلة الفهم، مع كبر الأعضاء وطولها، أو هو الصبر والجلد على العمل, أما عزة وجود الكامل، مع كثرة أفراد جنسه فهو معنى بعيد عن الخاطر؛ لهذا كانت الاستعارة في المثال المذكور تعمية في المراد وإلغازا.
ومن هنا يعلم أن التشبيه أعم محلا١, إذ كل ما يتأتى فيه الاستعارة يتأتى فيه التشبيه من غير عكس؛ لجواز أن يكون وجه الشبه غير جلي، فتصير الاستعارة إلغازا كما في المثالين المذكورين.
هذا, والاستعارة التمثيلية كالتحقيقية في أن حسنها يكون بما ذكرنا من الأمور السابقة, إذ لا فرق بينهما إلا من حيث الإفراد والتركيب، أما الاستعارة المكنية فلا يشترط في حسنها عدم إشمامها رائحة التشبيه؛ لعدم تأتّيه فيها, إذ من لوازم المكنية أن يذكر معها شيء من خواص المشبه به، وذلك دليل التشبيه وحينئذ لا ضير في خفاء وجه الشبه فيها.
والاستعارة التخييلية قرينة المكنية -كما علمت- فحسنها حينئذ تابع لحسن المكنية.
اختبار:
١- اذكر بالإجمال الأسباب الموجبة لحسن الاستعارة, مع التوضيح بالمثال لكل ما تذكر.
٢- ما السر في قبح التشبيه في مثل: في قلبي علم كالنور؟ وما وجه حسن الاستعارة فيه؟ وما علة كون الاستعارة في قول الشاعر:
"قد زر أزراره على القمر", وفي نحو قولك: "رأيت أسدا" أي: أبخر, قليلة الحسن؟ اشرح ذلك بوضوح تام.
٣- من أي قبيل تشبيهك وجها أبيض بالجير, تريد تحسينه؟ علل لما تقول.
١ المراد به أن يكون العموم من حيث التحقق، لا من حيث الصدق؛ إذ لا يصدق التشبيه على الاستعارة، أو العكس.