للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-بناء على التشبيه الحاصل بالسراية- "اللام" الموضوعة لجزئي من جزئيات المشبه به١ لجزئي من جزئيات المشبه٢ على سبيل الاستعارة التبعية.

ومثل الآية المذكورة قولهم: "محمود في غبطة" فإن لفظ "في" موضوعة لتلبس الظرف بالمظروف الحقيقيين كما تقول: "الماء في الجرة" فالحرف المذكور إذن مستعمل في غير ما وضع له؛ لأن مجروره لا يصلح للظرفية الحقيقية وإجراء الاستعارة فيه على مذهبهم أن يقال: شبه مطلق تلبس شيء لا يصلح للظرفية "كالغبطة" في المثال المذكور بشيء آخر, فسرى التشبيه من الكليين إلى الجزئيات، ثم استعير لفظ "في" من أحد جزئيات المشبه به لأحد جزئيات المشبه، على سبيل الاستعارة التبعية ... وهكذا.

وصفوة القول: في الاستعارة التبعية: أن يقال: إن كانت الاستعارة في الفعل أو شبهه، بقدر التشبيه أولا في معنى المصدر. ثم ينقل المصدر إلى غير معناه الأصلي، ثم يشتق منه ما وقعت الاستعارة فيه: من فعل أو وصف، فتكون الاستعارة فيهما حينئذ تابعة للاستعارة في المصدر بلا خلاف.

وإن كانت الاستعارة في الحرف، فعلى مذهب الجمهور، في الرأي الراجح منه، يقدر التشبيه، "أولا" في متعلق معنى الحرف, ثم يقدر "ثانيا" من طريق السراية, في جزئية, ثم يستعار الحرف للمعنى المراد، فتكون الاستعارة في الحرف حينئذ تابعة لتشبيهين: أحدهما في متعلق معنى الحرف، والثاني في جزئيه, ولا يعوزك بعد هذا تطبيق الاستعارة على ما يعرض عليك من أمثلة في المشتقات أو الحروف.


١ هو ترتب المحبة والسرور المتعلقين بموسى عليه السلام على الالتقاط.
٢ هو ترتب العداوة والحزن المتعلقين أيضا بموسى عليه السلام على الالتقاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>