للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- الملزومية: هي أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور ملزومًا للمعنى المراد أي: يلزم من وجوده وجود المعنى المراد كما تقول: ملأت الشمس المكان, "فالشمس" مجاز مرسل علاقته الملزومية؛ لأن المعنى الأصلي للشمس ملزوم للمعنى المراد الذي هو "الضوء", والقرينة قوله: "ملأت" فهو وصف للضوء لا للجرم المعروف كما لا يخفى.

٥- الكلية: هي أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور كلًّا متضمنًا للمعنى المراد, كقوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} أي: أناملهم, ففي {أَصَابِعَهُمْ} مجاز مرسل علاقته الكلية؛ لأن المعنى الأصلي للأصابع كل الأنامل، متضمن لها، والقرينة استحالة وضع الإصبع كلها في الأذن عادة.

٦- الجزئية: هي أن يكون المعنى الأصلي للفظ المذكور جزءًا من المعنى المراد, كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} أي: عبد مؤمن ففي {رَقَبَةٍ} مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ لأن المعنى الأصلي للرقبة جزء من العبد، والقرينة أن التحرير إنما يكون للذات كلها، لا لجزء منها؛ إذ إن العتق لا يتجزأ. وكقولهم: "بث الملك عيونه" أي: رقباءه جمع رقيب، وهو يرقب حركات العدو, ففي "العيون" مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ لأن المعنى الأصلي للعين جزء من الرقيب, والقرينة استحالة بث العيون وحدها. وكقول معبد بن أوس المزني١ في ابن أخته:

أعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد٢ ساعده رماني

وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني

يريد: "فلما قال قصيدة" ففي لفظ "قافية" مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ لأن المعنى الأصلي للقافية جزء من القصيدة, والقرينة قوله: "هجاني" لأن الهجاء لا يتأتى من القافية وحدها, غير أنه يشترط لهذه العلاقة أحد أمور ثلاثة:

الأول: أن يكون انتفاء الجزء مستلزمًا لانتفاء الكل، كما في إطلاق الرقبة


١ هو شاعر مخضرم يحسن القول في باب الحكم, وفي الشعر الخلقي.
٢ يروى بالسين المهملة من التسديد في الرمي, أي: الإصابة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>