للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن المعنيين المتقابلين إما أن يتفقا في الإيجاب أو السلب كما مر، وإما أن يختلفا كما في قوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فالجمع بين {لا يَعْلَمُونَ} ، و {يَعْلَمُونَ} مطابقة؛ لأن المعنيين تقابلا بالإيجاب والسلب. ومثله قوله تعالى: {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} وسمي هذا النوع طباق السلب؛ لاختلاف المعنيين إيجابًا وسلبًا.

والتقابل بين المعنيين إما واضح بين كما مر، وإما خفي نوع خفاء, نحو قوله تعالى: {أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} فإن صريح قوله: {فَأُدْخِلُوا نَارًا} لا يقابل معنى "الإغراق" ولكنه يستلزم ما يقابله, وهو "الإحراق" فكأنه قال: أغرقوا فأحرقوا؛ لهذا كان في التقابل بينهما بعض خفاء. ومثله قوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} فإن الرحمة تستلزم اللين المقابل للشدة.

٢- المقابلة: وهي أن يؤتى بمعنيين غير متقابلين, أو أكثر ثم يؤتى بما يقابل كلا على الترتيب اللفظي.

وتكون المقابلة بين معنيين كقوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} أتي بالضحك والقلة، ثم بما يقابلهما من البكاء والكثرة على الترتيب، ولا شك أن ليس بين الضحك والقلة، ولا بين البكاء والكثرة تقابل.

وتكوين بين ثلاثة, كقول الشاعر:

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

أتي بالحسن، والدين، والغنى المفهوم من "الدنيا" ثم أتي بما يقابلها من القبح، والكفر، والإفلاس على الترتيب. ومثله قوله تعالى: {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} .

وتكون بين أربعة كقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .

<<  <  ج: ص:  >  >>