للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الامتحان وسبق نظراءه، بلا حاجة إلى تأكيد الخبر١, ويسمى هذا الضرب "ابتدائيًّا" لأنه لم يسبق بطلب ولا إنكار.

٢- أن يكون مترددًا في الحكم المراد إفادته إياه، طالبا وقوفه على حقيقة الأمر إذ إن المتردد في الشيء يكون عادة متشوقًا إليه، طالبًا معرفته ليزول تردده، ويستقر على أحد الأمرين المتردد بينهما. ومثل هذا المخاطب يستحسن أن يؤكد له الخبر محوًا لهذا التردد، وتمكينًا للحكم في ذهنه, سواء استوى لديه طرفا الإثبات والنفي، أو كان لأحدهما أرجحية على الآخر. هذا هو مذهب الجمهور٢.

فإذا كان المخاطب في المثال السابق مترددًا بين فوز أخيه، وعدم فوزه، بأن بلغه نبأ فوزه ممن لا يثق بخبره مثلًا, حسن منك أن تؤكد له الخبر ليطمئن إلى أحد الأمرين، فتقول له: "إن أخاك فائز في الامتحان على أنداده". ويسمى هذا الضرب "طلبيًّا" لأنه مسبوق بطلب، إذ إن المخاطب، المتردد طالب بلسان حاله وقوفه على جلية الأمر, كما قلنا.

٣- أن يكون منكرًا للحكم المراد إخباره به، معتقدًا غيره. ومثل هذا المخاطب يجب تأكيد الخبر له تأكيدا يتناسب مع إنكاره قوة وضعفًا٣ فإن كان المخاطب منكرًا لفوز أخيه معتقدًا إخفاقه لسبب ما وجب عليك أن تؤكد له الخبر لتمحو إنكاره، فتقول له: "إن أخاك لفائز على أقرانه" فإن لم يقتنع، وأصر على إنكاره زدته تأكيدًا


١ التأكيد المحظور هنا هو المنصب على النسبة، أما التأكيد الموجه إلى الطرفين كالتأكيد اللفظي أو المعنوي, فلا مانع منه على قائم أو على نفسه قائم.
٢ للإمام عبد القاهر رأي آخر؛ هو أن المستحسن له التأكيد عنده هو المتردد الذي يرجح أحد الأمرين المتردد بينهما, فكأنه يسكن الأمن الآخر ولتحويله عن هذا الأمر الراجح عنده كان في حاجة إلى التأكيد هي أشبه بحاجة المنكر إليه. بخلاف الشاك الذي استوى عنده الأمران فإن أدنى أخبار يمحو شكه ويزيل تردده، فلا داعي لتأكيد الحكم له، وشأنه في ذلك شأن خالي الذهن, وهو عندي رأي حسن.
٣ مؤكدات الحكم كثيرة هنا "إن" المكسورة الهمزة، والقسم، ونون التوكيد، ولام الابتداء، واسمية الجملة، وحروف التنبيه، وضمير الفصل، وأداة الحصر، و"قد" التي للتحقيق, وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>