للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الأحبة, مثاله قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} , وقال ذلك حين سأله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} ، وكان يكفيه في الجواب أن يقول: "عصا"؛ لأن "ما" للسؤال على الجنس، لكنه ذكر المسند إليه, وهو "الضمير" حبًّا في إطالة الكلام في حضرة الذات العلية، وأي مقام يسترعي بسط الكلام فيه كهذا المقام؟ ولهذا لم يكتف موسى بذكر المسند إليه، بل أعقب ذلك بذكر أوصاف لم يسأل عنها، فقال: {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} ... إلى آخر الآية.

٩- التهويل والإرهاب: كقولك: "وأمير البلاد يأمرك بكذا", فتذكر المسند إليه, وهو "أمير البلاد" تهويلًا للمخاطب، وإرهابًا له بذكر "الأمير" ليكون ذلك أدعى إلى الطاعة والامتثال.

١٠- إظهار التعجب من المسند إليه إذا كان الحكم غريبًا، يندر وقوعه كقولك: "محمد يقاوم الأسود" أو "يحمل كذا طنا من حديد", فتذكر المسند إليه لقصد إظهار التعجب من شدة بأسه.

١١- التسجيل على السامع بين يدي الحاكم حتى لا يكون له سبيل إلى الإنكار، والتنصل، كأن يقول الحاكم لشاهد واقعة: هل أقر هذا علي نفسه بكذا؟ مشيرًا إلى رجل معين، فيقول الشاهد: "نعم محمد هذا أقر على نفسه بكذا", فتذكر المسند إليه. لئلا يجد المشهود عليه سبيلًا إلى الإنكار فيما لو حذف اسمه.

إلى غير ذلك من علل الذكر إذ ليست سماعية، حتى يمكن استيعابها، بل والمدار في ذلك على الذوق السليم، فما عده الذوق داعيًا من دواعي الذكر، أو الحذف، أو غيرهما عمل به، وإن لم يذكره أهل الفن.

<<  <  ج: ص:  >  >>