للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- قصد الاختصار المجرد عن أي اعتبار آخر، من عموم أو خصوص كقولهم: "أصغيت إليه، أي أذني، حذف المفعول هنا لمجرد الاختصار وعليه قوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} أي أرني ذاتك.

٥- استهجان التصريح به كقول عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت منه، ولا رأى مني" تريد "العورة", ونص الحديث: "كنت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، فما رأيت منه، ولا رأى مني".

٦- أن ينزل الفعل المتعدي منزلة اللازم لعدم تعلق الغرض بالمعمول كقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ؟ فالغرض مجرد إثبات العلم ونفيه، دون ملاحظة تعلقه بمعمول ما، أي هل يستوي من له علم، ومن لا علم له؟ يريد نفي المساواة بين من هم من أهل العلم، ومن ليسوا من أهله مبالغة في ذمهم بالجهل بالدين، وإن الذين لا علم لهم به كان لا علم عندهم أصلًا.

٧- قصد المحافظة على سجع أو وزن, فالأول كقوله تعالى: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} أي وما قلاك, والثاني كقول الشاعر:

بناها فأعلى والقنا بقرع القنا ... وموج المنايا حولها متلاطم

أي فأعلاها ... إلى غير ذلك من دواعي الحذف كالاعتماد على تقديم ذكره نحو: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} أي ويثبت ما يشاء, وكتعينه نحو: "رعت الماشية" أي النبات، وكغير ذلك.

البحث الثاني:

اعلم: أن الأصل في العامل أن يتقدم على المعمول، وقد يعكس الأمر فيقدم المعمول١ على العامل لاعتبارات شتى أهمها ما يلي:

١- إفادة التخصيص أي قصر العامل على المعمول، بحيث لا يتجاوزه إلى غيره كقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فإن المعنى نخصك بالعبادة والاستعانة، لا نعبد غيرك، ولا نستعين به، فقدم المفعول


١ كالمفعول به وكالجار والمجرور والظرف والحال وما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>