للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عواقبه"؟ فأنت في الأول لم تنكر عليه "الانخداع" إذ هو أمر شائع، وإنما تنكر عليه أن يكون الانخداع منه بعد طول التجربة، كما لم تنكر عليه في الثاني سعيه، وإنما تنكر عليه أن يكون السعي منه في الشر لا في الخير، وقد عرف وخامة عاقبته، وسوء مغبته لهذا قدم كل من الظرف والجار والمجرور على عاملهما إذ هما محطا الإنكار "كما رأيت" ومنه قول الشاعر:

أكل امرئ تحسبين امرأ ... ونار توقد١ بالليل نارا

فمزية تقديم المفعول "في البيت": إفادة أن الإنكار مسلط عليه، فهو يريد أن ينكر عليها: أن كل الناس "في حسبانها" سواسية، لا فرق بين كامل وناقص، وأن كل نار في زعمها نار كرم وسماحة.

٥- التعجيل بالتبرك أو التلذذ به، أو بالمسرة، والمساءة، ففي الأول قولك: "محمدا صلى الله عليه وسلم أحببت وفي الثاني قولك: "ليلى وصلت, وسلمى لقيت وفي الثالث والرابع: "خيرا تلقي"، "شرا ينال عدوك".

٦- موافقة كلام السامع نحو: "محمدا دعوت" في جواب "من دعوت"؟ فيقدم المفعول ليوافق مقابله في كلام السائل وهو "من" الاستفهامية.

٧- مراعاة نظم الكلام كقوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} والشاهد في الفقرة الثانية، حيث قدم المفعول على الفعل لتتوافق الفاصلتان في الفقرتين، ومثله قوله عز وجل: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} ، فالتقديم في مثل هذه المواضع ليس إلا مجرد مراعاة نظم الكلام "كما ترى"، إلى غير ذلك من الأسباب التي تستدعي التقديم، ولا تخفى على صاحب الذوق السليم.


١ الأصل تتوقد حذفت إحدى التاءين.

<<  <  ج: ص:  >  >>