للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"أ" أن يكون على صورة المنادى، إلا أنه لا يجوز فيه إظهار حرف النداء إذ لم يبق فيه معنى النداء أصلًا كما مثلنا -وكما في قولك: "علي أيها الكريم يعتمد" أي أنا مختص من بين سائر الكرام بالاعتماد علي.

"ب" أن يكون معرفًا "بأل" كقولهم: "نحن العرب أسخى الناس"، و"نحن الليبيين ننشد الحرية، ونأبى الضيم".

٣- أن يكون معرفًا بالإضافة كقولهم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" أو نحن "أبناء طرابلس" لا نرضى به بديلا.

٤- أن يكون معرفًا بالعلمية، وهو نادر الوقوع كقول الراجز العربي: بنا "تميم" يكشف الضباب.

فليس الغرض من النداء في هذه الصور: حقيقة الإقبال إذ ليس المراد "بالاسم الظاهر" في هذه المثل: المخاطب، بل المراد: المتكلم نفسه، وهو لا يطلب إقبال نفسه, لهذا حمل على معنى الاختصاص معونة المقام, كأن يكون الكلام في معرض الفخر والمباهاة كما في الأمثلة السابقة, أو في معرض التواضع والمسكنة كما في قولك: "أنا أيها العبد فقير إلى عفو ربي".

وقد يكون الحامل عليه: مجرد بيان الغرض من الضمير كقولهم: "اللهم اغفر لنا أيتها العصابة".

الاستغاثة والندبة: فالأول نحو: "يا لله للمسلمين", والثاني نحو "واحسيناه" فمن الجلي أن ليس المراد حقيقة النداء، إنما الغرض: الاستغاثة بالمخاطب في الأول، والبكاء عليه في الثاني.

التحسر والتحزن: كما في نداء القبور، والأطلال، والمنازل الدارسة كقول الشاعر يرثي معن بن زائدة:

أيا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا

وكقول آخر:

أيا منزلي سلمي سلام عليكما ... هل الأزمن اللاتي مضين رواجع

فليس المراد حقيقة النداء كما هو ظاهر إذ ليست هذه الأشياء مما ينادى بها ويطلب إقباله، وإنما الغرض التحسر والتفجع لفقدان الأحبة، وذهاب أيامهم، وما كانوا فيه من مجد وعز وحول وطول.

<<  <  ج: ص:  >  >>