للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدلالتان الأخريان لا علاقة لهما أيضًا بعلم البيان، فهما خارجتان. والأولى وهي اللفظية الوضعية ثلاثة أقسام كذلك: مطابقية، تضمنية، التزامية.

فالمطابقية: دلالة اللفظ على كامل معناه؛ كدلالة الإنسان على الحيوان والناطق، ودلالة الفرس على الحيوان والصاهل. وسميت مطابقية لتطابق اللفظ والمعنى، أي: تساويهما؛ لأن الواضع إنما وضع لفظ "إنسان" ليدل على مجموع الحيوان والناطق, كما وضع لفظ "فرس" ليدل على مجموع الحيوان والصاهل.

والتضمنية: دلالة اللفظ على جزء معناه الموضوع له؛ كدلالة "الإنسان" على الحيوان فقط, أو الناطق فقط، وكدلالة "البيت" على السقف, أو الجدار.

وسميت تضمنية؛ لأن الحيوان أو الناطق جزء من معنى الإنسان، وداخل في ضمنه؛ لأن الواضع إنما وضع لفظ "إنسان" ليدل على الحيوانية والناطقية معًا، كما وضع لفظ "بيت" ليدل على جميع أجزائه, فدلالة "الإنسان" على الحيوانية فقط، أو الناطقية فقط دلالة تضمنية؛ لأن الكل متضمن لأحد أجزائه، وكذلك دلالة "البيت" على السقف، أو الجدار.

والالتزامية: دلالة اللفظ على لازم معناه الموضوع له؛ كدلالة "الإنسان" على الضحك، وكدلالة "حاتم" على الجود، والأسد على الشجاعة, ودلالة كثرة الرماد على الكرم١.


١ صورة الدلالة التضمنية أن يسألك سائل, مشيرًا إلى شبح: أناطق هذا أم صاهل؟ فتقول مجيبًا: هو إنسان, تريد هو ناطق, فقد دللت "بإنسان" على الناطق دلالة تضمنية؛ لأن الناطق جزء معنى الإنسان، وصورة الدلالة الالتزامية أن يسألك سائل, مشيرًا إلى شبح: أضاحك هذا أم غير ضاحك؟ فتقول مجيبًا: هو إنسان تريد هو ضاحك, فقد دللت "بإنسان" على الضاحك دلالة التزامية؛ لأن الضحك وصف لازم للإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>