اللزوم, وهذا هو السر في قول "السعد" بيانا لمعناها لغة: هي تنبئ عن الظهور والبيان.
أما الفصاحة "في الاصطلاح" فعلى ما ذهب إليه الخطيب: هي ما يوصف به المفرد، والكلام، والمتكلم, يريد أن معناها يختلف باختلاف موصوفها وهو أحد ثلاثة: الكلمة، والكلام، والمتكلم.
يقال: "هذه كلمة فصيحة" إشارة إلى كلمة معينة كلفظ "الأجل", ويقال:
"هذا كلام فصيح" إشارة إلى مركب معين كقولنا: "الله الأجل" ويقال: "هذا متكلم فصيح" إشارة إلى متكلم معين كأبي بكر، أو عمر، أو علي, أو غيرهم من فصحاء العرب.
غير أن في تعريف الخطيب للفصاحة قصورا؛ إذ لم يشمل المركب الناقص. بيان ذلك: أن المركب الناقص ليس بكلمة لأنها قول مفرد، والمفرد ما قابل المركب، وليس بكلام؛ لأن الكلام خاص بالمركب التام، فالمركب الناقص إذًا خارج عنهما, ومقتضى ذلك ألا يتصف بالفصاحة، مع أنه يوصف بها قطعا، فيقال: هذا مركب فصيح, كما في قول الشاعر:
إذا ما الغانيات برزن يوما ... وزججن الحواجب والعيونا
فإن هذا البيت من قبيل المركب الناقص, إذ لا يفيد معنى يحسن السكوت عليه؛ لعدم ذكر الجواب الذي هو محط الفائدة, مع أنه فصيح بالإجماع لخلوه من العيوب المخلة بالفصاحة, على ما سيأتي.
أجاب الخلخالي ردا لهذا الاعتراض: بأن يعمم في الكلام أي: أن يراد به المركب مطلقا -تاما كان أو ناقصا- على سبيل المجاز المرسل، من إطلاق الخاص وإرادة العام، وحينئذ يشمل المركب الناقص كالبيت المذكور.
ورد "السعد" هذا الجواب: بأنه إنما يصح هذا التأويل لو أن العرب أطلقوا على المركب المذكور كلاما فصيحا، ولم ينقل عنهم ذلك