للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمعه مكسرا، فيقال: "أبواق"؛ لأن جمع المؤنث السالم له مواضع خاصة ليس هذا الاسم منها. ومثله لفظ "ضننوا" بمعنى بخلوا في قول الشاعر العربي:

مهلا أعاذل قد جربت من خلقي ... أني أجود لأقوام وإن ضننوا

يخاطب الشاعر من لامته على إحسانه إلى من بخلوا عليه، فيقول: اقصدي من لومك، وهوني على نفسك الأمر, فقد عرفت أن من خلقي مجازاة من يسيء إلي بالإحسان إليه؛ لأني إنما أصنع المعروف للمعروف، لا لشيء وراءه, فلفظ "ضننوا" غير فصيح؛ لأنه مخالف لما ورد عن الواضع، وللقياس الصرفي. إذ الوارد عن الواضع "وإن ضنوا" بالإدغام لا بالفك، والقياس الصرفي أيضا يقتضي إدغام المثلين -كما عرفته في محله- ومثله لفظ "الأجلل" في قول الفضل بن قدامة الشاعر الإسلامي١:

الحمد لله العلي الأجلل ... أنت مليك الناس ربا فاقبل

فلفظ "الأجل" غير فصيح؛ لأنه مخالف لما ثبت عن الواضع، وللقياس الصرفي كما ترى.

ومثال ما خالف الثابت عن الواضع، ووافق القياس قولك: "يأبي" بكسر الباء مضارع "أبى". فهو غير فصيح؛ لأنه مخالف لما ثبت عن الواضع, إذ الثابت عنه "يأبى" بفتح الباء لا بكسرها في حين أنه موافق للقياس الصرفي؛ لأن "فعل" بفتح العين لا يأتي مضارعه على "يفعل" بفتح العين إلا إذا كان عين ماضيه، أو لامه حرف


١ هو المكنى بأبي النجم, وهو من رجازي الإسلام ومن الفحول المقدمين أي: في الطبقة الأولى. وقيل: تمام البيت: "الواحد الفرد القديم الأول". وقيل: تمامه: "الواهب الفضل الكريم المجزل". وقيل: إن البيت على عكس ما يروى, فالعجز للصدر والصدر للعجز، و"ربا" منادى مضاف لياء المتكلم المنقلبة ألفا, حذفت منه ياء النداء على حد "يا حسرتا" وقيل: إن "ربا" منون حالا من الضمير في مليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>