للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا- إنما وضع لفظ "إنسان" ليدل على الحيوانية والناطقية معا, كما وضع لفظ "بيت" ليدل على جميع أجزائه. فدلالة الإنسان على الحيوان فقط، أو على الناطق فقط دلالة تضمنية, كما أن دلالة البيت على السقف فقط، أو الجدار فقط تضمنية كذلك؛ لأن الكل متضمن لأحد أجزائه١.

والالتزامية: أن يدل اللفظ على لازم معناه الموضوع له, كدلالة "الإنسان" على الضحك، وكدلالة "حاتم" على الجود، "والأسد" على الجرأة. وسميت التزامية؛ لأن الضحك ليس معنى الإنسان، ولا جزء معناه، وإنما هو أمر خارج عن معناه، لازم له. وكذلك الجود لحاتم والشجاعة للأسد, فكلاهما لازم للمعنى الموضوع له "حاتم والأسد"٢.

تنبيهان:

الأول: يكفي لدلالة الالتزام أن يكون التلازم بين الشيئين في الذهن, وهو ما يلزم من حصول المعنى الموضوع له في الذهن حصوله فيه, كالتلازم الذي بين الإنسان والضحك, إذ يلزم من حضور معنى الإنسان وهو "الحيوان الناطق" في الذهن حضور معنى الضحك فيه, وكالتلازم الذي بين الأسد والشجاعة, إذ يلزم من تصور معنى الأسد وهو "الحيوان المفترس" تصور معنى الشجاعة. أما التلازم


١ صورة الدلالة التضمنية أن يسألك سائل مشيرا إلى شبح: أناطق هذا أم صاهل؟ فتقول: هو إنسان فيفهم أنه ناطق, فقد دللت بإنسان على الناطق دلالة تضمنية؛ لأن النطق جزء معنى الإنسان.
٢- صورة الدلالة الالتزامية أن يسألك سائل مشيرا إلى شبح: أجماد هذا أم متحرك بالإرادة؟ فتقول: هو إنسان، فيفهم السائل أنه متحرك بالإرادة؛ فقد دللت بإنسان على المتحرك بالإرادة دلالة التزامية؛ لأن المتحرك بالإرادة وصف لازم للإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>