للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخ سيبويه، إمام النحاة، وأستاذ أمير المؤمنين هارون الرشيد. ثم تبعه العلماء من بعده، فوضعوا رسائل في الاستعارة والكناية لم تميز علم البيان تميزًا خاصًّا، وبقيت الحال كذلك مدة العصر العباسي الأول.

أما علم المعاني: فلم يعلم بالضبط أول من تكلم فيه، وإنما أثر عن بعض فحول الكتاب والخطباء كجعفر بن يحيى١ وسهل بن هارون٢ وغيرهما كلام في هذا النوع من البلاغة، ولكنه لم يطبع هذا العلم بطابع خاص يتميز به عن سواه.

وأول من أسهم لهذا العلم من عنايته، وخصَّه بمستفيض بحثه، ودوّن فيه ونظم عمرو بن بحر الجاحظ٣ في كتابيه: البيان والتبيين، وإعجاز القرآن, وغيرهما، وتقفاه العلماء من بعده كأبي عباس المبرد٤ صاحب الكامل وقدامة بن جعفر الكاتب٥, ووقف الأمر عند هذا الحد مدة هذا العصر.

أما علم البديع: فإن أول من كتب فيه كتابًا خاصًّا -على ما قيل- عبد الله بن المعتز الخليفة العباسي المتوفى سنة ٢٩٦هـ. وكان الشعراء من قبله يأتون في أشعارهم بضروب من البديع؛ كبشار بن برد٦ ومسلم بن الوليد٧ وأبي تمام٨ وغيرهم، فجاء ابن المعتز وجمع من أنواعه سبعة عشر نوعًا، وكان ممن يعاصره


١ أحد وزراء هارون الرشيد.
٢ فارسي الأصل اتصل بالمأمون فولاه خزانة الحكمة, وكان أديبًا شاعرًا حكيمًا, يتعصب للعجم على العرب.
٣ هو إمام الأدب أبو عثمان عمرو بن بحر البصري, صاحب التصانيف الممتعة والرسائل المبدعة.
٤ هو أبو العباس محمد بن يزيد النحوي.
٥ كان نصرانيًّا, أسلم واشتهر في زمانه بالبلاغة ونقد الشعر, ألف في ذلك كتبًا.
٦ هو أبو معاذ أشعر مخضرمي الدولتين: الأموية والعباسية، كان مع هذا كفيفًا.
٧ هو صريع الغواني أبو الوليد, أحد الشعراء المسلمين في الدولة العباسية.
٨ هو حبيب بن أوس الطائي, عربي الأصل, أحد الشعراء الأعلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>