للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني, وهو أن ينتزع الوجه المركب الحسي من هيئة سكون الجسم، ضربان كذلك:

١- أن يراعى مع هيئة السكون شيء من أوصاف الجسم، فيكون الوجه منتزعا من مجموع الأمرين: سكون الجسم، وشيء من أوصافه, كما في قول الشاعر يصف مصلوبا:

كأنه عاشق قد مد صفحته ... يوم الوداع إلى توديع مرتحل

أو قائم من نعاس فيه لوثته ... مواصل لتمطيه من الكسل١

فوجه الشبه "في البيت الأول" منتزع من هيئة سكون عنقه، وصفحته، ويديه حال امتدادهما، مع اصفرار الوجه. فقد اعتبر مع هيئة السكون المذكورة اصفرار اللون بالموت، وهو من أوصاف الجسم، وتلك هي حال العاشق المادّ عنقه، وصفحته، ويديه مفتوحتين لوداع معشوقه.

ووجه الشبه "في البيت الثاني" منتزع من هيئة السكون السابقة، مع اصفرار اللون أيضا، واسترخاء الجسم. فقد اعتبر مع هذه الهيئة وصفان من أوصاف الجسم هما: اصفرار اللون، والاسترخاء، وتلك هي حالة القائم من النعاس متمطيا مواصلا تمطيه.

٢- ألا يراعى مع هيئة السكون شيء من أوصاف الجسم، فيكون الوجه منتزعا من هيئة السكون وحده. ولا بد في هذا الضرب أيضا من تعدد أفراد هيئة السكون ليتحقق معنى التركيب في الوجه, كما في قول المتنبي يصف كلب الصيد حال جلوسه:

يقعي جلوس البدوي المصطلي ... بأربع مجدولة لم تجدل٢


١ صفحة الرجل: جانب وجهه، واللوثة بضم اللام: الاسترخاء.
٢ الإقعاء: الجلوس على الأليتين، والاصطلاء: الاستدفاء بالنار, ومجدولة: محكمة الخلق لم يجدلها إنسان، والغرض مدح الكلب بشدة الحرص.

<<  <  ج: ص:  >  >>