للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- أن يندر حضور صورة المشبه به في الذهن مطلقا, أي: سواء حضرت صورة المشبه في الذهن أو لا؛ وذلك لأمور منها:

أ- أن يكون المشبه به وهميا, أي: من اختراع الوهم, كما في تشبيه النصال المسنونة الزرق بأنياب الأغوال, فإن أنياب الأغوال مما لا وجود لها في غير الأوهام.

ب- أن يكون المشبه به خياليا, أي: من نسج الخيال, كصورة أعلام من ياقوت، منشورة على رماح من زبرجد في قول الشاعر المتقدم, فإن هذه الصورة وما شاكلها من الهيئات المركبة لا وجود لها إلا في الخيال.

جـ- أن يندر تكرر المشبه به على الحس, كصورة المرآة في كف الأشل١, فقد ينقضي عمر الإنسان ولا يرى مرآة في يد شلاء.

هذا, وإنما كانت كثرة حضور المشبه به في الذهن سببا في وضوح وجه الشبه، وندرة حضوره سببا في خفاء الوجه؛ لأن وجه الشبه -كما علمت- مشترك بين الطرفين، قائم بهما، فتصوره فيهما موقوف على تصورهما. فإذا كان المشبه به كثير الحضور في الذهن، أو نادر الحضور فيه؛ لزم أن يكون وجه الشبه أيضا كثير الحضور، أو نادره تبعا له، ومن هنا كان وضوحه أو خفاؤه.

معنى التفصيل في الوجه:

اعلم أن المراد بالتفصيل في وجه الشبه ما فيه من كثرة الاعتبارات والملاحظات، بأن ينظر فيه إلى أكثر من وصف لشيء واحد أو لأكثر، متعددا كان ذلك الوجه، أو مركبا اعتباريا، غير أن المركب أشد


١ وفيه سبب آخر لخفاء الوجه، وغرابة التشبيه، وهو كثرة التفصيل فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>