للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقريهمو لهذميات نقد بها ... ما كان خاط عليهم كل زراد١

يقول: لم تجد أقوى منا في إيقاع الشر بأعدائنا، والتنكيل بهم عند النزال وتفاقم القتال؛ إذ نطعنهم طعنات نافذات تقد الدروع، وتشق الضلوع. والشاهد في قوله: "نقريهمو لهذميات" فهو استعارة تبعية قرينتها "لهذميات"، وهو المفعول الثاني لنقري, ذلك أن القرى تقديم الطعام للضيف، فلا يصح إيقاعه على اللهذميات بمعنى الطعنات، فعلم أن المراد "بالقرى" معنى يناسب هذه الطعنات، وهو تقديمها إلى الأعداء عند اللقاء. وقد تكون القرينة المفعولين معا كقول الحريري:

وأقري المسامع أما نطقت ... بيانا يقود الحرون الشموسا٢

يقول: وأقدم إلى المسامع بيانا يكبح بسحره وعذوبته جماح النفوس الصوادف, يصف نفسه بسحر البيان وعذوبة القول. والشاهد في قوله: "وأقري المسامع بيانا" فإن "أقري" استعارة تبعية قرينتها تعلق القرى بكل من المسامع والبيان, ذلك أن القرى -كما قدمنا- تقديم الطعام إلى الضيف، فلا يصح إيقاعه، وتعلقه


١ القرى على "إلى" الإحسان إلى الضيف, واللهذميات جمع لهذمية وهي الطعنة الواسعة, منسوبة إلى اللهذم بفتح اللام والذال وهو السيف القاطع, وقد يراد بها الأسنة القاطعة والنسبة للمبالغة، والقد: القطع، وضمن "خاط" معنى قدر فعداه بعلى، والزراد: صانع الزرد -بفتح الراء- وهو الدرع، ومعنى زردها: نسجها, شبه تقديم الطعنات أو الأسنة عند اللقاء بالقرى بجامع أن كلا تقديم ما يصل من خارج إلى داخل، ثم استعير القرى لتقديم الطعنات أو الأسنة، واشتق من القرى نقريهمو بمعنى: نقدم لهم الطعنات أو الأسنة, على سبيل الاستعارة التبعية.
٢ الحرون من الخيل: ما لا ينقاد لصاحبه ومثله الشموس, يقال: حرن الفرس وشمس على زنة دخل, إذا منع ظهره.

<<  <  ج: ص:  >  >>