للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توكيده، وذلك الجزئي هو: أن هذا الكلام الخاص المراد إلقاؤه إلى منكر معين يجب توكيده١، فيقال: "إن حافظا لشاعر"، وتلك الملكة هي "العلم" على هذا الرأي.

ويجوز أن يراد بالعلم القواعد والأصول، فيكون العلم حينئذ بمعنى المعلوم٢, قال بعضهم: وهو أولى؛ لأن الكثير الشائع في استعمالاتهم إطلاق العلم على الأصول والقواعد؛ ولأنه لا يحوج إلى ارتكاب استخدام٣ في قولهم: "وينحصر في ثمانية أبواب" إذ المنحصر في الأبواب الثمانية هو القواعد والأصول ولا معنى لانحصار الملكة فيها؛ لأنها -كما سبق- قوة قائمة بالنفس، والاستخدام خلاف الأصل, غير أن المشهور في العرف استعمال العلم في الملكة القائمة بالنفس، ولذلك رجحوه على استعماله بمعنى القواعد، وقد صرح بذلك العلامة عبد الحكيم.

ومعنى "يعرف به": يستخرج به إن جرينا على أن المراد بالعلم الملكة، والباء حينئذ للسببية أي: يستخرج بسبب الملكة المسائل الجزئية، وإن جرينا على أن المراد بالعلم: القواعد والأصول كان المعنى يستخرج منه؛ لأن القواعد هي التي تستخرج منها تلك المسائل الجزئية.

والمراد بأحوال اللفظ الأمور العارضة له من التأكيد، والتعريف، والتنكير والتقديم، والتأخير، والذكر، والحذف، وغير ذلك فهي إذًا أوصاف فقط.


١ يعلم من هذا أن الجزئيات المستخرجة من القواعد بالملكة هي القضايا ذات الموضوعات الجزئية كقولهم: هذا الكلام المراد القاؤه لهذا المنكر يجب توكيده، وهذا الكلام المراد إلقاؤه لهذا المنكر يجب توكيده, وهذا الكلام المراد إلقاؤه لهذا المريض
يجب إيجازه، وهذا الكلام المراد إلقاؤه لهذا الممدوح يجب إطنابه. وهذه القضايا الجزئية غير أحوال
اللفظ المراد معرفتها بالعلم المفسر بالملكة كالتأكيد، أو الإيجاز، أو الإطناب الواقع في الكلام الموجه للمخاطب- ويجاب بأن معرفة جزئيات القواعد وسيلة لمعرفة أحوال اللفظ, فمعرفة أن هذا الكلام الملقى إلى هذا المنكر يجب توكيده مؤدية إلى معرفة أن هذا التأكيد مناسب لهذا الإنكار وهكذا.
٢ ولا يضر حينئذ استعمال المشترك في التعريف لصحة إرادة كل من معنييه، ومحل المنع إذا لم تصح إرادة ذلك، ولا يصح إطلاق العلم على الإدراك لفساد المعنى حينئذ إذ إن الإدراك لا يدرك به.
٣ هو ذكر اللفظ بمعنى وإعادة الضمير عليه بمعنى آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>