للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- غير المشاهد إذا كان مستحضرا في القلب كأنه نصب العين كما في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، ونحو: لا إله إلا أنت، وما أشبه ذلك.

٢- غير المعين بأن يراد به مطلق مخاطب على طريق المجاز المرسل علاقته الإطلاق١, وذلك حيث أريد تعميم الخطاب أي: توجيهه إلى كل من يتأتى خطابه، لكن لا على سبيل التناول دفعة واحدة، بل على سبيل البدل أي: كل فرد من أفراد المخاطبين٢ كما في قولك: "فلان لئيم إن أحسنت إليه أساء إليك"، فليس المراد بالضمير في قولك: "إن أحسنت" مخاطبا معينا كما في الأصل في الخطاب، وإنما أريد مطلق مخاطب على سبيل البدل أي: فرد من أفراد هذا المطلق إشارة إلى أن سوء معاملة اللئيم لا يختص به واحد دون آخر ومنه قول المتنبي:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته

وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ، فليس المراد بقوله: {وَلَوْ تَرَى} مخاطبا معينا، وإنما أريد مطلق مخاطب على سبيل البدل إشارة إلى أن حالة المجرمين في ذلك اليوم من تنكيس الرءوس خوفا وخجلا، ومن رثاثة الهيئة، واسوداد الوجه، وغير ذلك من سمات الخزي والخذلان, قد تناهت في الظهور والافتضاح لأهل المحشر إلى حيث يمتنع خفاؤها فلا يختص بها راء دون راء، وإذ كان كذلك فلا يختص بهذا الخطاب مخاطب دون مخاطب، بل كل من تتأتى منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب, تلك هي نكتة العدول بالخطاب عن أصل وضعه.


١ ذلك لأن ضمير المخاطب موضوع بالوضع العام لكل معين فإذا لم يقصد به معين كان مجازا لاستعماله في غير ما وضع له.
٢ وإنما كان عمومه بدليا لا شموليا للإشارة إلى أن الخطاب لم يخرج عن أصل وضعه من كل وجه حتى يكون كالنكرات في العموم بل يصاحبه الإفراد المناسب للتعيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>