للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسماه بعينه وشخصه في ذهن السامع ابتداء باسمه الخاص باعتبار وضعه لهذا المسمى, فلفظ "محمد" باعتبار وضعه لذات خاصة يعين شخصها، ولا يتناول باعتبار هذا الوضع غيرها ممن اشترك في هذا الاسم, وكقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ ١ أَحَدٌ} على أن يجعل ضمير الشأن مبتدأ أولا، ولفظ الجلالة مبتدأ ثانيا، والجملة خبر الأول ليكون فيه الشاهد٢ وهو إيراد المسند إليه علما لأجل إحضاره بشخصه٣ في ذهن السامع ابتداء باسمه الخاص به.

غير أن القيد الأخير وهو قولنا: "باسمه الخاص به" يغني عن القيدين قبله، وهما: إحضار المعنى بعينه وشخصه، وكون هذا الإحضار ابتداء إذ إن إحضار الشيء باسمه المختص به إحضار له بعينه أول مرة, وهذا إنما يكون بالعلم, وإنما ذكر القيدان المذكوران مع إغناء الأخير عنهما بيانا للواقع، أو تحقيقا لمقام العلمية.

٢- تعظيم المسند إليه، أو إهانته٤ كما في الألقاب نحو "قدم حسام الدين وأقبلت نور الهدى"، ونحو: "رحل عنا أنف الناقة، وفارقنا صخر" أتى بالمسند إليه في هذه المثل علما لقصد تعظيمه في الأولين، وإهانته في الآخرين, وكما في الأسماء الصالحة لذلك نحو


١ أصل "الله" الآلهه حذفت همزته وعوض عنها حرف التعريف ثم جعل علما للذات الواجب الوجود الخالق للعالم، والمراد بتعويض حرف التعريف اعتباره عوضا عن الهمزة, لا تعويضه عنها بالفعل والإلزام عليه تحصيل الحاصل؛ لأن حرف التعريف موجود في الكلمة قبل التعويض كما يلزم عليه الجمع بين العوض والمعوض عنه قبل حذف الهمزة من لفظ الإله, ووجه جعله علما للذات العلية أنه وضع من أول الأمر لها من غير سبق تصرف فيه, وهو ما عليه الأئمة الأربعة.
٢ أما عند من يجعل لفظ الجلالة خبرا أولا لضمير الشأن ويجعل "أحد" خبرا ثانيا فلا شاهد فيه؛ لأن لفظ الجلالة حينئذ لم يقع مسندا إليه بل مسندا.
٣ أي: بمشخصاته التي قام عليها الدليل ككونه واجب الوجود خالقا للعالم قادرا على كل شيء.
٤ أي: أو تعظيم غيره أو إهانته كما تقول: أبو الفضل صديقك: وأبو لهب رفيقك فالتعظيم في الأول والتحقير في الثاني للمخاطب وهو غير مسند ولا مسند إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>